{أسمِعْ بهم وأبصِرْ يوم يأتوننا}؛ أي: ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم، فيقرُّون بكفرِهم وشركِهم وأقوالهم، ويقولون: {ربَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا فارْجِعْنا نعملْ صالحاً إنَّا موقنونَ}: ففي القيامة يستيقنون حقيقة ما هم عليه. {لكنِ الظالمونَ اليوم في ضلال مبينٍ}: وليس لهم عذرٌ في هذا الضلال؛ لأنَّهم بين معاندٍ ضالٍّ على بصيرةٍ عارف بالحقِّ صادف عنه، وبين ضالٍّ عن طريق الحقِّ، متمكِّن من معرفة الحقِّ والصواب، ولكنَّه راضٍ بضلاله، وما هو عليه من سوء أعمالِهِ، غير ساعٍ في معرفة الحقِّ من الباطل. وتأمَّل كيف قال: {فويلٌ للذين كفروا}؛ بعد قوله: {فاختلف الأحزاب من بينهم}، ولم يقلْ: فويلٌ لهم؛ ليعود الضمير إلى الأحزاب؛ لأنَّ من الأحزاب المختلفين طائفةً [أصابت] ووافقت الحقَّ فقالت في عيسى: إنَّه عبدُ الله ورسولُه، فآمنوا به واتَّبعوه؛ فهؤلاء مؤمنون غير داخلين في هذا الوعيد؛ فلهذا خصَّ الله بالوعيد الكافرين.