ولما كان مفارقةُ الإنسان لوطنه ومألفه وأهله وقومه من أشقِّ شيءٍ على النفس لأمورٍ كثيرةٍ معروفةٍ، ومنها انفرادُه عمن يتعزَّز بهم ويتكثَّر، وكان مَنْ ترك شيئاً لله؛ عوَّضه الله خيراً منه، واعتزل إبراهيمُ قومه؛ قال الله في حقِّه: {فلمَّا اعتزَلَهم وما يعبُدون من دون الله وَهَبْنا له إسحاقَ ويعقوبَ وكلاًّ}: من إسحاقَ ويعقوبَ، {جَعَلْنا نبيًّا}: فحصل له ولهؤلاء الصالحين المرسلين إلى الناس، الذين خصَّهم الله بوحيه، واختارهم لرسالته، واصطفاهم من العالمين.