وهذا دليلٌ في غاية الفساد، وهو من باب قلب الحقائق، وإلاَّ؛ فكثرة الأموال والأولاد وحسنُ المنظر كثيراً ما يكون سبباً لهلاك صاحبِهِ وشقائِهِ وشرِّه، ولهذا قال تعالى: {وكم أهْلَكْنا قبلَهم من قرنٍ هم أحسنُ أثاثاً}؛ أي: متاعاً من أوانٍ وفرش وبيوت وزخارف، {ورِئْياً} ؛ أي: أحسن مرأى ومنظراً من غضارة العيش وسرور اللَّذَّات وحسن الصور؛ فإذا كان هؤلاء المهلَكون أحسنَ منهم أثاثاً ورئياً، ولم يمنعْهم ذلك من حلول العقاب بهم؛ فكيف يكونُ هؤلاء وهم أقلُّ منهم وأذلُّ معتصمين من العذاب، {أكفَّارُكم خيرٌ من أولئِكُم أم لكم براءةٌ في الزُّبُرِ}؟! وعُلِمَ مِن هذا أن الاستدلال على خير الآخرة بخير الدُّنيا من أفسدِ الأدلَّة وأنَّه من طرق الكفار.