لما ذكر دليلهم الباطل الدالَّ على شدَّة عنادهم وقوَّة ضلالهم؛ أخبر هنا أنَّ مَن كان في الضلالة؛ بأن رَضِيَها لنفسه، وسعى فيها؛ فإنَّ الله يمدُّه منها ويزيدُه فيها حبًّا؛ عقوبةً له على اختيارها على الهدى؛ قال تعالى: {فلمَّا زاغوا أزاغَ الله قلوبَهم}، {ونقلِّبُ أفئِدَتَهم وأبصارَهم كما لم يُؤْمِنوا به أوَّلَ مرَّةٍ ونذَرُهم في طغيانِهِم يعمهونَ}. {حتَّى إذا رأوا}؛ أي: القائلون: {أيُّ الفريقين خيرٌ مقاماً وأحسنُ نَدِيًّا}، {ما يوعدون إمَّا العذابَ}: بقتل أو غيره، {وإمَّا الساعة}: التي هي بابُ الجزاء على الأعمال. {فسيعلمونَ من هو شَرٌّ مكاناً وأضعفُ جُنداً}؛ أي: فحينئذٍ يتبيَّن لهم بطلانُ دعواهم، وأنَّها دعوى مضمحلَّة، ويتيقَّنون أنَّهم أهل الشرِّ وأضعفُ جنداً، ولكنْ لا يُفيدُهم هذا العلم شيئاً؛ لأنَّه لا يمكنهم الرجوع إلى الدُّنيا فيعملون غير عملهم الأول.