اشتهر عند كثير من المفسرين أن هذه الآية الكريمة نسختها الآية التي قبلها وهي قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً}؛ وأن الأمر كان على الزوجة أن تتربص حولاً كاملاً ثم نسخ بأربعة أشهر وعشر، ويجيبون عن تقدم الآية الناسخة أن ذلك تقدم في الوضع لا في النزول لأن شرط الناسخ أن يتأخر عن المنسوخ، وهذا القول لا دليل عليه، ومن تأمل الآيتين اتضح له أن القول الآخر في الآية هو الصواب، وأن الآية الأولى في وجوب التربص أربعة أشهر وعشراً على وجه التحتيم على المرأة، وأما في هذه الآية فإنها وصية لأهل الميت أن يبقوا زوجة ميتهم عندهم حولاً كاملاً جبراً لخاطرها وبرًّا بميتهم، ولهذا قال: {وصية لأزواجهم}؛ أي: وصية من الله لأهل الميت أن يستوصوا بزوجته ويمتعوها ولا يخرجوها، فإن رغبت أقامت في وصيتها وإن أحبت الخروج فلا حرج عليها، ولهذا قال: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن}؛ أي: من التجمل واللباس، لكن الشرط أن يكون بالمعروف الذي لا يخرجها عن حدود الدين والاعتبار. وختم الآية بهذين الاسمين العظيمين الدالين على كمال العزة وكمال الحكمة، لأن هذه أحكام صدرت عن عزته، ودلت على كمال حكمته حيث وضعها في مواضعها اللائقة بها.