لما بين في الآية السابقة إمتاع المفارقة بالموت ذكر هنا أن كل مطلقة فلها على زوجها أن يمتعها ويعطيها ما يناسب حاله وحالها وأنه حق إنما يقوم به المتقون، فهو من خصال التقوى الواجبة أو المستحبة، فإن كانت المرأة لم يسم لها صداق وطلقها قبل الدخول فتقدم أنه يجب عليه بحسب يساره وإعساره، وإن كان مسمى لها فمتاعها نصف المسمى، وإن كانت مدخولاً بها صارت المتعة مستحبة في قول جمهور العلماء ومن العلماء من أوجب ذلك استدلالاً بقوله: {حقاً على المتقين}؛ والأصل في الحق أنه واجب خصوصاً وقد أضافه إلى المتقين، وأصل التقوى واجبة، فلما بين تعالى هذه الأحكام الجليلة بين الزوجين؛ أثنى على أحكامه، وعلى بيانه لها وتوضيحه، وموافقتها للعقول السليمة، وأن القصد من بيانه لعباده أن يعقلوا عنه ما بينه فيعقلونها حفظاً وفهماً وعملاً بها، فإن ذلك من تمام عقلها.