ثم قال: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} وهو: القرآن والسنة، قال تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة} فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول ولا يفرقون بين بعض ما أنزل إليه، فيؤمنون ببعضه، ولا يؤمنون ببعضه، إما بجحده، أو تأويله على غير مراد الله ورسوله، كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة الذين يؤولون النصوص الدالة على خلاف قولهم بما حاصله عدم التصديق بمعناها وإن صدقوا بلفظها، فلم يؤمنوا بها إيماناً حقيقيًّا. وقوله: {وما أنزل من قبلك} يشمل الإيمان بجميع الكتب السابقة، ويتضمن الإيمانُ بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه خصوصاً التوراة والإنجيل والزبور، وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بالكتب السماوية كلها وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم. ثم قال: {وبالآخرة هم يوقنون} والآخرة: اسم لما يكون بعد الموت، وخصه بالذكر بعد العموم؛ لأن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان؛ ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، واليقين هو: العلم التام، الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل.