فحينئذٍ عَلِمَ موسى عليه السلام أنَّه تحمَّل حملاً عظيماً؛ حيث أُرسِلَ إلى هذا الجبار العنيد، الذي ليس له منازعٌ في مصر من الخلق، وموسى عليه السلام وحدَه، وقد جرى منه ما جرى من القتل، فامتثل أمر ربِّه، وتلقَّاه بالانشراح والقَبول، وسأله المعونة وتيسير الأسباب التي هي من تمام الدَّعوة، فقال: {ربِّ اشرحْ لي صدري}؛ أي: وسِّعه وافسحْه لأتحمَّل الأذى القوليَّ والفعليَّ، ولا يتكدَّر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري؛ فإنَّ الصدر إذا ضاق؛ لم يصلح صاحبُه لهداية الخلق ودعوتهم؛ قال الله لنبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: {فبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كنتَ فظًّا غليظَ القلب لانفضُّوا من حولِكَ}، وعسى الخلقُ يقبلون الحقَّ مع اللِّين وسَعَة الصدر وانشراحه عليهم.