ولهذا قال: {واصطنعتُك لنفسي}؛ أي: أجريت عليك صنائعي ونعمي وحسن عوائدي وتربيتي؛ لتكون لنفسي حبيباً مختصًّا، وتبلغ في ذلك مبلغاً لا ينالُه أحدٌ من الخلق إلاَّ النادر منهم. وإذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ؛ يبذُلُ غايةَ جهدِهِ ويسعى نهايةَ ما يمكِنُه في إيصاله لذلك؛ فما ظنُّك بصنائع الربِّ القادر الكريم؟! وما تحسبُه يفعلُ بمن أراده لنفسِهِ، واصطفاه من خلقِهِ.