﴿وَلَا تَنِیَا﴾ لا تفتُرَا.
﴿لَّعَلَّهُۥ یَتَذَكَّرُ أَوۡ یَخۡشَىٰ﴾ غاية الداعية أن يتحقَّق هذا فيمَن يدعوه، فهو لا يريدُ به إلا الخيرَ ولو كان مثل فرعون.
﴿یَفۡرُطَ عَلَیۡنَاۤ﴾ يُعجِّل لنا بالعقاب والهلاك.
﴿أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ صفتان ثابتتان لله، وذكرهما هنا لزيادة معنى المعيَّة والتأييد.
﴿قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا یَـٰمُوسَىٰ﴾ ظاهرٌ في أن الحوار كان بينه وبين موسى
عليه السلام، وأما هارون فكان تابعًا لموسى ومُستمعًا لهذا الحوار.
﴿أَعۡطَىٰ كُلَّ شَیۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ أي: أنَّه الذي خلق كلَّ شيءٍ من هذه المخلوقات، وأعطَى كلَّ واحدٍ منها خصوصيته، ثم أرشَدَه إلى أداء وظيفته في هذه الحياة، فكانت هذه الحياة المتنوعة المتكاملة المنظَّمة وفق هذا التنظيم البديع.
فانظر إلى التكامل الوظيفي مثلًا بين الماء والتراب والضوء لصناعة النبات، ثم التكامل بين النبات والحيوان والإنسان، والتكامل بين الذكر والأنثى، وهكذا، فكلٌّ مُيسَّرٌ ومهدِيٌّ لما خُلِق له.
﴿قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ﴾ أي: ما أخبار الأمم السابقة؟ كأنَّه أرادَ أن يُبعِد موسى عن الاسترسال ببيِّنات الكون الشاهدة على توحيدِ الله الخالق العظيم، لكن موسى
عليه السلام أجابه جوابًا مقتضبًا، ثم عاد إلى مُحاجَجته الأولى
﴿ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدࣰا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِیهَا سُبُلࣰا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّن نَّبَاتࣲ شَتَّىٰ﴾.
﴿إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُوْلِی ٱلنُّهَىٰ﴾ آيات لأصحاب العقول، وهذا الربط بين آيات الله وعقول العاقِلِين هو منهجُ القرآن الثابت والمؤكَّد، بخلاف توهُّم المتوهِّمين ممَّن مالَ إلى العقل دون النصِّ، أو مالَ إلى ظاهرِ النصِّ دون العقل.
﴿۞ مِنۡهَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ﴾ لأن آدم مخلوقٌ من التراب، وأجسادنا جميعًا إنما تتغذَّى ممَّا يُنتِجه التراب، من ثمار الشجر، والزرع النابت في التراب ومن التراب، أو من لحوم الحيوان المتكونة أيضًا من هذه النباتات.
﴿قَالَ أَجِئۡتَنَا لِتُخۡرِجَنَا مِنۡ أَرۡضِنَا﴾ فريةٌ ظاهرة لتأليب الناس على موسى وأخيه، وإلا فإنَّ موسى قال قبل قليلٍ لفرعون:
﴿فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ﴾ بمعنى أننا وقومنا نريد الخروج عنك وعن أرضك.
﴿مَكَانࣰا سُوࣰى﴾ أي: مُستويًا ومحل توافق بيننا وبينكم.
﴿قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ یَوۡمُ ٱلزِّینَةِ﴾ هو يوم عيد فرعون وقومه، وهنا وقفة؛ فموسى
عليه السلام هو من اختار هذا اليوم، وهذه إشارةٌ إلى أنَّ حضور مناسبات الكافرين ليس بها بأس إذا كانت لغاية أنبَل وأكبر من شكلية الحضور والمشاركة، مع التأكيد أن لا يُفهم من هذا الإقرارُ بما هم عليه، ولا مُعاونتهم على المنكر الذي هم فيه.
وقد كانت حكمة موسى
عليه السلام في اختيار هذا اليوم الذي يتفرَّغ فيه الناس للاجتماع دون شغلٍ ولا همٍّ، وهذا أدعَى لإيصال الحقِّ إليهم، ثم إنه اختارَ
الضحى لهذا الغرض أيضًا؛ إذ مظنَّة اجتماعهم ونشاطهم فيه أكثر من غيره.
﴿فَیُسۡحِتَكُم﴾ يمحقكم ويهلككم.
﴿یُخَیَّلُ إِلَیۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ﴾ وهي في الحقيقة لا تسعَى وليس فيها روح، وهذا دليلٌ على أنَّ السحرَ لا يُغيِّر حقائِقَ الأشياء وطبائِعَها، وإنَّما هو صناعة الخيال الذي يراه الناس كأنَّه حقيقة.
﴿فَأَوۡجَسَ فِی نَفۡسِهِۦ خِیفَةࣰ﴾ شعر بالخوف في داخله ولم يُظهِره لهم.
﴿وَأَلۡقِ مَا فِی یَمِینِكَ﴾ العصا التي كانت معه.
﴿تَلۡقَفۡ﴾ تبتلع.
﴿إِنَّمَا صَنَعُواْ كَیۡدُ سَـٰحِرࣲۖ﴾ بمعنى أنه خداعٌ ومكرٌ وليس له حقيقة.
﴿قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ هَـٰرُونَ وَمُوسَىٰ﴾ قدَّم هارون لمناسبة نهاية الآي، ومعلوم أنّ العطف بالواو لا يقتضي ترتيبًا زمنيًّا أو رُتَبيًّا، وإنما هو للاشتراك فقط.
﴿قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ﴾ يسألهم فرعون سؤالًا استنكاريًّا؛ كيف تؤمنون بربِّ هارون وموسى قبل أن تأخذوا الإذن منِّي؟ وهكذا يتيح الفراعنة لأنفسهم التحكم حتى في إيمان الناس وأفكارهم، وخصوصيَّة أنفسهم.
﴿إِنَّهُۥ لَكَبِیرُكُمُ ٱلَّذِی عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ﴾ يتَّهِم سحَرَتَه بالتواطؤ مع موسى ضدَّه وضدَّ قومه.
﴿فَلَأُقَطِّعَنَّ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَـٰفࣲ﴾ يقطع من كلِّ واحدٍ منهم يدَه اليمنى ورجلَه اليسرى.
﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِی جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ﴾ يربط جثامِينَهم على جذوع النخل ليراها القريب والبعيد؛ مُثلةً بهم، وعبرةً لغيرهم.
﴿وَلَتَعۡلَمُنَّ أَیُّنَاۤ أَشَدُّ عَذَابࣰا وَأَبۡقَىٰ﴾ يُقارِنُ نفسَه بربِّ العالمين، بل يرى نفسَه الأشدَّ والأبقى، تعالى الله عن قولِه وسفَهِه.
﴿فَٱقۡضِ مَاۤ أَنتَ قَاضٍۖ﴾ افعَل ما شِئتَ، ونفِّذ ما توعَّدتَنا به.
﴿وَمَاۤ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَیۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ﴾ بمعنى أنَّ الله سيغفِر لنا السحرَ الذي عمِلناه لخدمتك وتحت سطوتك وجبروتك؛ لأننا تُبْنا إليه تعالى بعد أن رأَينا الآيات على يد موسى
عليه السلام.
﴿وَٱللَّهُ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰۤ﴾ كأنهم يردُّون عليه مُقارنتَه تلك الجاهلة الآثمة.
﴿لَا یَمُوتُ فِیهَا وَلَا یَحۡیَىٰ﴾ لا يموت فينجُو من العذاب، ولا يحيَى الحياةَ الصالحةَ التي يريد.
﴿جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ﴾ جنات المقام الدائم.
﴿مَن تَزَكَّىٰ﴾ من تطهَّر عن كلِّ عقيدةٍ باطلةٍ، أو خُلُقٍ رديءٍ.