كثيراً ما يَجْمَعُ تعالى بين هذين الكتابين الجليلين اللَّذين لم يَطْرُق العالم أفضلُ منهما ولا أعظمُ ذكراً ولا أبركُ ولا أعظمُ هدىً وبياناً، وهما التوراة والقرآن، فأخبر أنَّه آتى موسى أصلاً وهارون تَبَعاً
الفرقان، وهو التوراة الفارقة بين الحقِّ والباطل والهدى والضَّلال، وأنها
{ضياء}؛ أي: نورٌ يهتدي به المهتدون، ويأتمُّ به السالكون، وتُعْرَفُ به الأحكام، ويميَّز به بين الحلال والحرام، وينير في ظُلمة الجهل والبدع والغواية وذكراً للمتَّقين؛ يتذكَّرون به ما ينفعهم وما يضرُّهم، ويتذكَّر به الخيرَ والشرَّ، وخصَّ المتَّقين بالذِّكر، لأنَّهم المنتفعون بذلك علماً وعملاً.