{وهذا}؛ أي: القرآن، {ذكرٌ مباركٌ أنزلناه}: فوصفه بوصفينِ جليلين: كونُهُ ذكراً يُتَذَكَّر به جميعُ المطالب؛ من معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن صفات الرسل والأولياء وأحوالهم، ومن أحكام الشرع من العبادات والمعاملات وغيرها، ومن أحكام الجزاء والجنَّة والنَّار، فَيُتَذَكَّر به المسائل والدَّلائل العقليَّة والنقليَّة، وسماه ذكراً؛ لأنَّه يُذَكِّرُ ما رَكَزَهُ الله في العقول والفطر من التصديق بالأخبار الصادقة، والأمر بالحَسَن عقلاً، والنهي عن القبيح عقلاً. وكونُهُ مباركاً يقتضي كثرة خيره ونمائها وزيادتها، ولا شيء أعظم بركةً من هذا القرآن؛ فإنَّ كلَّ خير ونعمة وزيادة دينيَّةٍ أو دنيويَّةٍ أو أخرويَّة؛ فإنَّها بسببه وأثرٌ عن العمل به؛ فإذا كان ذِكْرًا مباركاً؛ وجب تلقِّيه بالقَبول والانقياد والتسليم، وشُكْرِ الله على هذه المنحة الجليلة، والقيام بها، واستخراج بركته؛ بتعلُّم ألفاظه ومعانيه. ومقابلتُهُ بضدِّ هذه الحالة؛ من الإعراض عنه، والإضراب عنه صفحاً، وإنكاره، وعدم الإيمان به؛ فهذا من أعظم الكفر وأشدِّ الجهل والظُّلم، ولهذا أنكر تعالى على مَنْ أنكره، فقال: {أفأنتُم له منكِرونَ}.