لما ذكر تعالى موسى ومحمداً - صلى الله عليه وسلم - وكتابيهما؛ قال: {ولقد آتينا إبراهيم رُشْدَهُ من قبلُ}؛ أي: من قبل إرسال موسى ومحمد ونزول كتابيهما، فأراه الله ملكوتَ السماواتِ والأرض، وأعطاه من الرُّشد الذي كَمَّلَ به نفسه ودعا الناس إليه ما لم يؤتِهِ أحداً من العالمين غير محمدٍ، وأضاف الرُّشد إليه لكونِهِ رُشداً بحسب حاله وعلوِّ مرتبتِهِ، وإلاَّ؛ فكلُّ مؤمنٍ له من الرشد بحسب ما عه من الإيمان. {وكُنَّا به عالمين}؛ أي: أعطيناه رشدَه، واختَصَصْناه بالرسالة والخُلَّة، واصطفيناه في الدُّنيا والآخرة؛ لعلمنا أنَّه أهل لذلك وكفءٌ له؛ لزكائه وذكائه. ولهذا ذَكَرَ محاجَّتَهُ لقومه، ونهيهم عن الشِّرك، وتكسير الأصنام وإلزامهم بالحجَّة، فقال: