﴿وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمۡرَهُم بَیۡنَهُمۡۖ﴾ تفرَّقُوا في دينهم وكانوا شِيَعًا.
﴿فَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ﴾ فالإيمان شرطٌ في قبول العمل الأخروي، أما من يُقدِّمُ الخيرَ للناس مِن دون إيمانٍ، فله أجرُه كما أراد هو، أي: أجرٌ دنيويٌّ لا يُبخس فيه حقّه ولا جهده.
﴿وَحَرَ ٰمٌ عَلَىٰ قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَـٰهَاۤ أَنَّهُمۡ لَا یَرۡجِعُونَ﴾لا يتوبون إليه، ولذلك أهلكهم، وتحتمل معنى التيئيس، كأنَّه يقول: وكلُّ قريةٍ أهلكناها بظلمها لن تعود إلى الدنيا، فهذا مُحرَّمٌ عليها، والله أعلم.
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا فُتِحَتۡ یَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ ﴿٩٦﴾ وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ﴾ بمعنى أنَّ ظهور هذه الأقوام المتوحشة وتدفُّقهم بهذه الكثرة والقوة هو أحد أشراط الساعة وعلامات اقتراب الوعد الحقِّ.
﴿فَإِذَا هِیَ شَـٰخِصَةٌ أَبۡصَـٰرُ ٱلَّذِینَ كَفَرُواْ﴾ لا تتحرك أجفانهم؛ ترقُّبًا وتحسُّبًا بعد أنْ صدَمَتْهم الساعة بأهوالها.
﴿إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ أي: حطبها ووقودها.
﴿لَوۡ كَانَ هَـٰۤـؤُلَاۤءِ ءَالِهَةࣰ مَّا وَرَدُوهَاۖ﴾ هذا توبيخٌ للمشركين الذين عبَدوا هذه الآلهة المزيَّفة من أصنامٍ حجريَّةٍ، أو بشريَّةٍ، وإنّما يُستثنَى مِن ذلك مَن ادَّعى المشركون ألوهيَّتَهم وهم بُرءاء من ذلك؛ كالأنبياء والملائكة والصالحين مِن عباد الله، أما الحجارة فهي قَطعًا ليست مُكلَّفة، وإلقاؤها في النار إنَّما هو لزيادة تحسُّر هؤلاء المشركين وهم يرَون أنَّ آلهتَهم تحترق معهم.
﴿وَهُمۡ فِیهَا لَا یَسۡمَعُونَ﴾ إلا ما يزيدهم عذابًا، وحوار الكافرين في النار وارِدٌ في القرآن الكريم، وكذاك حوارهم مع أهل الجنَّة، ومع أهل
الأعراف، ولا يبعُد أن تكون هناك أحوال مُختلفة، فحالٌ يسمعون فيها، وحالٌ لا يسمعون، والله أعلم.
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۤ أُوْلَــٰۤىِٕكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ﴾ عامٌّ في كلِّ مَن استحقَّ الوعدَ الحسن بثواب الله والجنة من المؤمنين والمتقين، وفيه ردٌّ على مَن جادل في المسيح ونحوه من الأنبياء والأولياء والملائكة الذين ألَّهَهُم البشر، فهؤلاء لهم الحُسنى، ولا يدخلون النار مع تلك الآلهة.
﴿لَا یَسۡمَعُونَ حَسِیسَهَاۖ﴾ صوتها؛ لشدَّة بُعدهم عنها.
﴿ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ﴾ ذاك يوم البعث الذي ينتفض فيه الخلق لمُلاقاة ربهم.
﴿یَوۡمَ نَطۡوِی ٱلسَّمَاۤءَ كَطَیِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ﴾ تُطوَى يوم القيامة هذه السماوات بما فيها مِن نجومٍ وكواكب، وتُدرج كما تُدرج الأوراق، فقد انتهى دورها، وتوقفت هذه الحياة، لتبدأ الحياة الأخرى.
﴿وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ﴾ الزبور: هو الكتاب، وهو اسم جنسٍ للكتب السماوية.
﴿مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ﴾ اللوح المحفوظ الذي فيه مقادير الخلق، ولا يمنع أيضًا أن يكون الزبور هو كتاب داود، والذِكْر كتاب موسى
عليهما السلام، والله أعلم.
﴿أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ﴾ أي: يتمكَّنُون فيها بعد انحسار الباطل وزوال سلطانه، ويُحتمل أن يكون هذا في الآخرة، فتكون الأرض أرض الجنة، وهي الأرض الدائمة والمستقرة، والسياق لا يبعُد عن هذا، والله أعلم.
﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ﴾ تلك هي القيمة المحوريَّة لهذه الرسالة المحمديَّة، وهي غايةُ الغايات، وكلُّ ما في القرآن والسُّنَّة مِن أخبارٍ وأحكامٍ وعظاتٍ؛ إنما هو لتحقيق هذه الغاية، وحينما تكون الرحمة القيمة المحوريَّة، بمعنى أنها المعيار الذي نحكم به على اجتهادات المجتهدين، واختلافات المختلفين، فكلُّ عبادة لله أو حكم من أحكامه لا بُدَّ أن نرى فيه من هذه القيمة أثرًا، فالدين لم يأت للشقاء، وإنما الشقاء من أنفسنا، ومن تصوراتنا الخاطئة والضيقة عن الدين.
﴿ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءࣲ ۖ﴾أعلَمتُكُم جميعًا وبلَّغتُكُم هذه الرسالة كما أنزَلَها اللهُ عليَّ.
﴿إِنَّهُۥ یَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَیَعۡلَمُ مَا تَكۡتُمُونَ﴾ الضميرُ عائِدٌ إلى الله، وهذا واضحٌ مِن السياق.
﴿وَإِنۡ أَدۡرِی لَعَلَّهُۥ فِتۡنَةࣱ لَّكُمۡ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ يعني: تأخير العذاب عنهم، فلعله يكون اختبارًا ومهلةً مضافةً لهم.
﴿قَـٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّ ۗ﴾ افْصِلْ بيننا وبين قومِنا هؤلاء الذين كذَّبونا وآذونا، ولا ينتظر من الله إلا الحقّ، وإنما هو التأكيد، والتبرِّي من حول المخلوق إلى حول الخالق .