ثم ذكر صفاتِ المخبتين، فقال: {الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبُهم}؛ أي: خوفاً وتعظيماً، فتركوا لذلك المحرَّمات لخوفهم ووجلهم من الله وحده. {والصابرين على ما أصابَهم}: من البأساء والضرَّاء وأنواع الأذى؛ فلا يجري منهم التسخُّطِ لشيءٍ من ذلك، بل صبروا ابتغاء وجه ربِّهم؛ محتسبينَ ثوابه، مرتقبين أجرَه. {والمقيمي الصلاةِ}؛ أي: الذين جَعَلوها قائمةً مستقيمةً كاملةً؛ بأن أدَّوا اللازمَ فيها والمستحبَّ وعبوديَّتها الظاهرة والباطنة. {ومما رَزَقْناهم يُنفِقونَ}: وهذا يشملُ جميع النفقات الواجبة؛ كالزَّكاة والكفَّارة والنفقة على الزوجات والمماليك والأقارب، والنفقات المستحبَّة؛ كالصدقات بجميع وجوهها. وأتى بـ {من} المفيدة للتبعيض لِيُعْلَمَ سهولةُ ما أمر الله به ورغَّب فيه، وأنَّه جزءٌ يسيرٌ مما رَزَقَ الله، ليس للعبدِ في تحصيلِهِ قدرةٌ لولا تيسيرُ الله له ورزقُه إيَّاه؛ فيا أيُّها المرزوق من فضل الله! أنفِقْ مما رَزَقَكَ الله؛ ينفِق اللهُ عليك ويزِدْك من فضله.