ثم قال تعالى جواباً لقول المكذبين ـ: {ما لهذا الرسولِ يأكُلُ الطعام ويمشي في الأسواقِ} ـ: [{وما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ من الْمُرْسَلِينَ إلاَّ إنَّهُم لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ في الأَسْوَاقِ}]: فما جَعَلناهم جسداً لا يأكلونَ الطعامَ وما جَعَلْناهم ملائكةً؛ فلك فيهم أسوةٌ، وأمَّا الغنى والفقرُ؛ فهو فتنةٌ وحكمةٌ من الله تعالى؛ كما قال: {وجَعَلْنا بعضَكم لبعضٍ فتنةً}: الرسولُ فتنةٌ للمرسَلِ إليهم واختبارٌ للمطيعين من العاصين، والرُّسُل فَتَنَّاهم بدعوة الخلق، والغنيُّ فتنةٌ للفقير، والفقير فتنةٌ للغنيِّ، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار دار الفتن والابتلاء والاختبار، والقصد من تلك الفتنةِ: {أتصبِرونَ}، فتقومون بما هو وظيفتُكُم اللازمةُ الراتبةُ، فيثيبُكم مولاكم، أم لا تصبِرونَ فتستحقُّون المعاقبة؟ {وكان ربُّك بصيراً}: يعلم أحوالَكم، ويَصْطَفي من يَعْلَمُهُ يَصْلُحُ لرسالتِهِ، ويختصُّه بتفضيلِهِ ويعلم أعمالَكم فيجازيكم عليها إنْ خيراً فخير وإن شرًّا فشر.