أي: قال المكذِّبون للرسول، المكذِّبون بوعد الله ووعيده، الذين ليس في قلوبهم خوفُ الوعيد ولا رجاءُ لقاء الخالق: {لولا أُنزِلَ علينا الملائكةُ أو نرى رَبَّنا}؛ أي: هلاَّ نزلت الملائكة تشهدُ لك بالرسالةِ وتؤيِّدُك عليها، أو تنزِلُ رسلاً مستقلِّين، أو نرى ربَّنا فيكلِّمنا ويقول: هذا رسولي؛ فاتِّبعوه! وهذا معارضةٌ للرسول بما ليس بمعارِضٍ، بل بالتكبُّر والعلوِّ والعتوِّ. {لقدِ اسْتَكْبَروا في أنْفُسِهِم}: حيث اقترحوا هذا الاقتراح وتجرؤوا هذه الجرأةَ؛ فمن أنتم يا فقراءُ ويا مساكينُ حتى تطلبوا رؤيةَ الله وتزعُموا أن الرسالة متوقِّف ثبوتُها على ذلك؟! وأيُّ كِبْرٍ أعظم من هذا؟! {وعَتَوْا عُتُوًّا كبيراً}؛ أي: قسوا وصلبوا عن الحقِّ قساوةً عظيمة؛ فقلوبهم أشدُّ من الأحجار وأصلبُ من الحديد، لا تَلين للحقِّ ولا تُصْغي للناصحين؛ فلذلك لم ينجعْ فيهم وعظٌ ولا تذكيرٌ، ولا اتَّبعوا الحقَّ حين جاءهم النذيرُ، بل قابلوا أصدقَ الخَلْقِ وأنصَحَهم وآياتِ الله البيناتِ بالإعراض والتكذيب [والمعارضة]؛ فأيُّ عتوٍّ أكبرُ من هذا العتوِّ؟! ولذلك بَطَلَتْ أعمالُهم، واضمحلَّتْ، وخسروا أشدَّ الخسران، [وحرموا غايةَ الحرمانِ].