أي: من أعجب العجائب وأدلِّ الدليل على سَفَههم ونقص عقولهم، بل أدلُّ على ظلمهم وجراءتهم على ربِّهم: أنِ اتَّخَذوا آلهةً بهذه الصفة، في غاية العجز أنَّها لا تَقْدِرُ على خلق شيء، بل هم مخلوقون، بل بعضهم مما عملته أيديهم، {ولا يملِكون لأنفُسِهِم ضرًّا ولا نفعاً}؛ أي: لا قليلاً ولا كثيراً؛ لأنه نكرةٌ في سياق النفي. {ولا يملِكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً}؛ أي: بعثاً بعد الموت. فأعظمُ أحكام العقل بطلانُ إلهيتها وفسادُها وفسادُ عقل من اتّخذها آلهةً وشركاءَ للخالق لسائرِ المخلوقات من غير مشاركةٍ له في ذلك، الذي بيده النفع والضرُّ والعطاء والمنع، الذي يُحيي ويميتُ ويبعثُ مَنْ في القبور ويجمعُهُم يومَ النشور، وقد جَعَلَ لهم دارين: دار الشقاءِ والخزي والنَّكال لمن اتَّخذ معه آلهةً أخرى، ودار الفوز والسعادة والنعيم المقيم لمن اتَّخذه وحدَه معبوداً. ولما قرَّر بالدليل القاطع الواضح صحَّة التوحيد وبطلان ضدِّه؛ قرَّر صحَّة الرسالة وبطلان قول من عارَضَها واعترضَها، فقال: