هذا من جملة مقترحات الكفَّار الذي توحيه إليهم أنفسُهُم، فقالوا: {لولا نُزِّلَ عليه القرآنُ جملةً واحدةً}؛ أي: كَمَا أُنْزِلَت الكتبُ قبلَه. وأيُّ محذورٍ من نزوله على هذا الوجه؟! بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن، ولهذا قال: {كذلك}: أنزلناه متفرقاً {لِنُثَبِّتَ به فؤادَكَ}: لأنَّه كلَّما نزلَ عليه شيء من القرآن؛ ازداد طمأنينةً وثباتاً، وخصوصاً عند ورود أسباب القلق؛ فإنَّ نزول القرآن عند حدوثه يكون له موقعٌ عظيمٌ وتثبيتٌ كثيرٌ أبلغ مما لو كان نازلاً قبل ذلك ثم تذكَّره عند حلول سببه، {ورتَّلْناه ترتيلاً}؛ أي: مَهَّلْناه، ودرَّجْناك فيه تدريجاً. وهذا كلُّه يدلُّ على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسولِهِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث جعل إنزال كتابه جارياً على أحوال الرسول ومصالحِهِ الدينيَّةِ.