أشار تعالى إلى هذه القَصَص، وقد بسطها في آياتٍ أخرَ؛ ليحذِّرَ المخاطبين من استمرارِهم على تكذيب رسولهم، فيصيبُهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين كانوا قريباً منهم ويعرفون قَصصهم بما استفاض واشْتُهِر عنهم، ومنهم مَنْ يَرَوْن آثارَهم عياناً؛ كقوم صالح في الحجر، وكالقريةِ التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْء بحجارة من سِجِّيل؛ يمرُّون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم؛ فإنَّ أولئك الأمم ليسوا شرًّا منهم، ورسلهم ليسوا خيراً من رسول هؤلاء؛ {أكُفَّارُكُم خيرٌ من أولئكُم أمْ لكم براءةٌ في الزُّبُر}، ولكنَّ الذي منع هؤلاء من الإيمان مع ما شاهدوا من الآيات أنَّهم كانوا لا يَرْجونَ بعثاً ولا نُشوراً؛ فلا يرجون لقاء ربِّهم، ولا يَخْشَوْن نَكاله؛ فلذلك استمرُّوا على عنادهم، وإلاَّ؛ فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقى معه شكٌ ولا شبهةٌ ولا إشكالٌ ولا ارتيابٌ.