سورة الفرقان تفسير السعدي الآية 41

وَإِذَا رَأَوۡكَ إِن یَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا ٱلَّذِی بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا ﴿٤١﴾

تفسير السعدي سورة الفرقان

أي: {وإذا رَأوْك}: يا محمد؛ هؤلاء المكذِّبون لك، المعاندون لآيات الله، المستكبرون في الأرض؛ استهزؤوا بك، واحتقروك، وقالوا على وجه الاحتقار والاستصغار: {أهذا الذي بَعَثَ الله رسولاً}؛ أي: غير مناسب ولا لائق أن يَبْعَثَ الله هذا الرجل! وهذه من شدَّة ظلمِهِم وعنادِهِم وقلبهم الحقائق؛ فإنَّ كلامَهم هذا يُفْهِمُ أنَّ الرسولَ ـ حاشاه ـ في غاية الخِسَّة والحقارة، وأنَّه لو كانتِ الرسالةُ لغيره؛ لكان أنسب. {وقالوا لولا نُزِّلَ هذا القرآنُ على رجل من القريتينِ عظيم}؛ فهذا الكلام لا يصدُرُ إلاَّ من أجهل الناس وأضلِّهم، أو من أعظمهم عناداً، وهو متجاهلٌ، قصدُه ترويج ما معه من الباطل بالقدح بالحقِّ وبمن جاء به، وإلاَّ؛ فمنْ تدبَّر أحوال محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وَجَدَه رجل العالم وهمامهم ومقدَّمهم في العقل والعلم واللُّبِّ والرَّزانة ومكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والعفة والشجاعة والكرم وكلِّ خُلُق فاضل. وأنَّ المحتقرَ له والشانئ له قد جمع من السَّفَه والجهل والضلال والتَّناقُض والظُّلم والعدوان ما لا يجمعُه غيره. وحسبه جهلاً وضلالاً أن يَقْدَحَ بهذا الرسول العظيم والهُمام الكريم، والقصد من قدحِهِم فيه واستهزائِهِم به؛ تصلُّبهم على باطلهم وغُروراً لِضُعَفَاءِ العقول.