ولهذا قالوا: {إن كاد لَيُضِلُّنا عن آلهتنا} [هذا الرجل]: بأن يجعل الآلهة إلهاً واحداً، {لولا أن صَبَرْنا عليها}: لأضلَّنا. زعموا قبَّحهم الله أنَّ الضَّلال هو التوحيد، وأنَّ الهُدى ما هم عليه من الشرك؛ فلهذا تواصَوْا بالصبر عليه، {وانَطَلَقَ الملأُ منهم أنِ امْشوا واصبِروا على آلهتكم}، وهنا قالوا: {لولا أن صَبَرْنا عليها}: والصبر يُحمد في المواضع كلِّها؛ إلاَّ في هذا الموضع؛ فإنه صبرٌ على أسباب الغضب، وعلى الاستكثار من حطب جهنَّم، وأما المؤمنون؛ فهم كما قال الله عنهم: {وتواصَوْا بالحقِّ وتواصَوْا بالصبرِ}، ولما كان هذا حكماً منهم بأنَّهم المهتدون والرسول ضالٌّ، وقد تقرَّر أنَّهم لا حيلة فيهم توعَّدهم بالعذاب، وأخبر أنهم في ذلك الوقت، {حين يَرَوْنَ العذاب}: يعلمون علماً حقيقيًّا، {مَنْ} هو {أضَلُّ سبيلاً}. {ويوم يَعَضُّ الظالم على يديهِ يقولُ يا ليتني اتَّخَذْتُ مع الرسول سبيلاً ... } الآيات.