ومن جملة أقاويلهم فيه أنْ قالوا: هذا الذي جاء به محمدٌ {أساطيرُ الأولينَ اكْتَتَبَها}؛ أي: هذا قَصَص الأولين وأساطيرُهم، التي تتلقَّاها الأفواه وينقلُها كلُّ أحدٍ، استَنْسَخَها محمدٌ؛ {فهِيَ تُملى عليه بُكرةً وأصيلاً}: وهذا القول منهم فيه عدةُ عظائم: منها: رميُهم الرسولَ الذي هو أبرُّ الناس وأصدقُهم بالكذب والجرأة العظيمة. ومنها: إخبارُهم عن هذا القرآن الذي هو أصدقُ الكلام وأعظمُه وأجلُّه بأنه كذبٌ وافتراءٌ. ومنها: أنَّ في ضمن ذلك أنَّهم قادرون أن يأتوا بمثلِهِ، وأن يضاهئ المخلوقُ الناقصُ من كلِّ وجه للخالق الكامل من كلِّ وجه بصفةٍ من صفاته، وهي الكلام. ومنها: أنَّ الرسول قد عُلِمَتْ حالُه ، وهم أشدُّ الناس علماً بها؛ أنَّه لا يكتبُ ولا يجتمعُ بمن يكتبُ له؛ وهم قد زعموا ذلك.