﴿مَدَّ ٱلظِّلَّ﴾ بسطه بالتدريج تبعًا لحركة الشمس.
﴿ثُمَّ قَبَضۡنَـٰهُ إِلَیۡنَا قَبۡضࣰا یَسِیرࣰا﴾ والقبض ضدُّ البسط، وقبض الظلِّ: انحساره بظهور الشمس وعلوِّها.
﴿وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا﴾ يغشاكم ويعمُّكم بستره.
﴿وَٱلنَّوۡمَ سُبَاتࣰا﴾ سكنًا وراحةً لكم.
﴿وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورࣰا﴾ ينتشر الناس فيه للحركة والعمل.
﴿وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ﴾ يستبشر بهبوبها الناس؛ لما تحمله من خيرٍ ومطرٍ.
﴿مَاۤءࣰ طَهُورࣰا﴾ طاهرًا في نفسه مُطهِّرًا لغيره.
﴿لِّنُحۡـِۧیَ بِهِۦ بَلۡدَةࣰ مَّیۡتࣰا﴾ شبَّه القفر بالموت والزرع بالحياة.
﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَـٰهُ بَیۡنَهُمۡ لِیَذَّكَّرُواْ﴾ أي: ماء السماء فسُقناه إلى بلادٍ مختلفة؛ ليروا آثاره في الحياة، وفي الآية تنبيه أيضًا للهدي النازل من السماء، وما فيه مِن حياةٍ للقلوب، والآيات التالية تؤكِّد هذا المعنى.
﴿وَلَوۡ شِئۡنَا لَبَعَثۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةࣲ نَّذِیرࣰا﴾ لكنَّ الله خصَّ نبيَّه الخاتم
ﷺ بهذه الدعوة العامة لكافة الخلق؛ تعظيمًا لشأنه ولشأن الرسالة التي يحملها، ولينتظم هذا الخلق في شريعةٍ واحدةٍ، وخلْف قُدوةٍ واحدةٍ.
﴿وَجَـٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادࣰا كَبِیرࣰا﴾ جاهِدْهُم بالقرآن تذكيرًا وتحذيرًا، وترغيبًا وترهيبًا، حاوِرْهُم بحقائقه، وأقِم عليهم الحجة بأدلته، ولا تأْلُ جهدًا في كلِّ ذلك، وهذا الخطاب له
ﷺ ولأمته معه ومن بعده في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
﴿مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ﴾ خلطهما، وهذا مشاهد بتدفُّق الأنهار العذبة في البحار المالحة، دون أن تتغير الأنهار ولا البحار، كما سيأتي.
﴿عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ﴾ الفرات العذب، وأفاد هنا التأكيد، بمعنى أنَّه شديد العذوبة.
﴿مِلۡحٌ أُجَاجࣱ﴾ والأجاج المالح، وأفاد هنا التأكيد، بمعنى أنَّه شديد الملوحة.
﴿وَجَعَلَ بَیۡنَهُمَا بَرۡزَخࣰا وَحِجۡرࣰا مَّحۡجُورࣰا﴾ أي: حاجزًا، فلا يطغَى المالح على العَذْب فيفسده، ولا العَذْب على المالح فيذهب به؛ لأن لكلٍّ منهما وظيفته، فالأنهار العذبة وظيفتها: السقي والريّ، والأنهار المالحة وظيفتها: حفظ الحياة البحرية من التعفُّن والتغيُّر الضار.
أما تفسير العذب بوجود مياه عذبة وسط البحار المالحة فلا مانع منه، لكن ليس هذا هو المعهود والمعروف بين الناس، ثم إنَّ هذه المياه ليست هي التي تُستعمل في السقي، ولا ينتفع منها عامة الناس، ومساق الآيات مساق عظةٍ وامتنان.
وأما إطلاق البحر على النهر العظيم؛ كالنيل في مصر، والرافدين الكبيرين في العراق، فهو أمرٌ شائعٌ ومعروفٌ في لغة العرب، والله أعلم.
﴿فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ﴾ جعل مِن هذه النُّطَف بشرًا كثيرًا لهم أنساب وسلالات وقرابات وعلاقات ومصاهرات.
﴿وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِیرࣰا﴾ أي: مُعاديًا لله محاربًا لدينه، ومعاونًا للشيطان في كلِّ ذلك.
﴿قُلۡ مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ﴾ فالدعوة لله، وأجرها من الله، وفي هذا تأكيد للنزاهة، ونظافة اليد لكلِّ من يتصدّى لمهمة التبليغ والدعوة إلى الله.
﴿إِلَّا مَن شَاۤءَ أَن یَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلࣰا﴾ استثناءٌ منقطعٌ، بمعنى: أنِّي لا أطلب منكم أجرًا سوى هدايتكم إلى طريق الله.
﴿وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ﴾ فكلُّ ميتٍ أو مُعرَّضٍ للموت لا يصح التوكل عليه، فالذي لا يحمي نفسَه من الموت كيف يحمي غيره! وهذا تنبيهٌ نفيسٌ لخصائص التوحيد الحقِّ، ومجادلةٌ ضمنيَّةٌ للمشركين الذين يرجون من المخلوق ما لا يملكه ولا يقدر عليه.
﴿فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ﴾هي ليست مِن أيامنا؛ لأن يومَنا هو حصيلةُ دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، ولكلِّ كوكب يومه، فكيف باليوم الذي كان قبل خلقِ السماوات والأرض؟ فذلك لا يعلَمُه إلا الله، والمقصود بالإخبار عن تلك الأيام إنما هو التقديرُ على مراحل، كما هي سنَّةُ الخلق كله.
﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ استِواءٌ يَلِيقُ به سبحانه، ومن لوازِمه العلوُّ المطلق، والمُلك والسلطان، وكلُّ صِفات الكمال الثابتة له سبحانه.
﴿ٱلرَّحۡمَـٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِیرࣰا﴾ وليس هناك مِن خبيرٍ بالرحمن وأسمائه وصفاته كالرحمن نفسه - تبارك وتعالى علوًّا كبيرًا -، كأنَّه يقول: لا تَسَلْ غيري عنِّي، فأنا العليم الذي ليس فوقي عليم، وأنا الخبير الذي ليس بعدي خبير.
﴿قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَـٰنُ﴾ هذا قولُ المُشركين الذين يُنكِرون هذا الاسمَ العظيم لله، وكأنَّهم يتَّهِمُون النبيَّ
ﷺ باختلاقه وإضافته إلى الله، بدلالة قولهم:
﴿أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورࣰا ۩﴾.
﴿بُرُوجࣰا﴾المنازل والطرق التي تدور فيها الأفلاك.
﴿وَجَعَلَ فِیهَا سِرَ ٰجࣰا﴾ يعني: الشمس، وفيه إشارةٌ أنَّ الشمسَ ضوءها ذاتي كالسراج، بخلاف
القمر.
﴿وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةࣰ﴾ يخلف أحدُهما الآخر، في دورة فلكيَّة يوميَّة، كما هو مُشاهدٌ ومحسوسٌ.
﴿لِّمَنۡ أَرَادَ أَن یَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورࣰا﴾ فهذه كلُّها دلائِلُ تستلزِم التذكُّر والتفكُّر، ونِعَم تستَدعِي الاعتِراف والشكر.