{قالوا}؛ أي: جنود إبليس الغاوون لأصنامِهِم وأوثانِهِم التي عبدوها: {تاللهِ إن كُنَّا لفي ضلالٍ مبينٍ. إذْ نُسَوِّيكُم بربِّ العالَمينَ}: في العبادة والمحبَّة والخوفِ والرجاءِ، وندعوكم كما ندعوهُ. فتبيَّن لهم حينئذٍ ضلالُهم، وأقرُّوا بعدل الله في عقوبتِهِم، وأنَّها في محلِّها، وهم لم يُسَوُّوهم بربِّ العالمين؛ إلاَّ في العبادةِ، لا في الخلق؛ بدليل قولهم: {بربِّ العالمينَ}؛ أنَّهم مقرُّون أنَّ الله ربُّ العالمين كلِّهم، الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم، {وما أضَلَّنا}: عن طريق الهُدى والرُّشْد ودعانا إلى طريق الغَيِّ والفِسْقِ {إلاَّ المُجْرِمونَ}: وهم الأئمة الذين يدعونَ إلى النار، {فما لنا}: حينئذٍ {من شافعينَ}: يشفعونَ لنا لِيُنْقِذَنا من عذابه {ولا صديقٍ حَميم}؛ أي: قريب مصافٍ ينفعنا بأدنى نفعٍ؛ كما جرت العادةُ بذلك في الدُّنيا؛ فأيِسوا من كلِّ خير، وأبلسوا بما كسبوا، وتمنَّوا العودة إلى الدُّنيا ليعملوا صالحاً؛ {فلو أنَّ لنا كَرَّةً}؛ أي: رجعةً إلى الدُّنيا وإعادةً إليها، {فنكونَ من المؤمنين}: لنسلمَ من العقابِ ونستحقَّ الثواب. هيهاتَ هيهاتَ؛ قد حيلَ بينَهم وبين ما يشتهونَ، وقد غُلِّقَتْ منهم الرُّهون. {إنَّ في ذلك}: الذي ذَكَرْنا لكم ووصَفْنا {لآيةً}: لكم، {وما كان أكثرُهُم مؤمنينَ}: مع نزول الآياتِ.