{أتُتْرَكونَ في ما هاهنا آمنينَ. في جناتٍ وعيونٍ. وزُروعٍ ونَخْلٍ طَلْعُها هَضيمٌ}؛ أي: نضيدٌ كثيرٌ؛ أي: أتحسبونَ أنَّكم تُتْرَكونَ في هذه الخيرات والنِّعم سدىً تتنعَّمون وتمتعون كما تتمتَّع الأنعام؟ وتُتْركون سدىً لا تُؤْمَرون ولا تُنْهَوْن، وتستعينونَ بهذه النعم على معاصي الله، {وَتَنْحِتونَ من الجبالِ بيُوتاً فارهينَ}؛ أي: بلغتْ بكم الفراهةُ والحِذْق إلى أن اتَّخذتُم بيوتاً من الجبال الصمِّ الصلابِ. {فاتقوا الله وأطيعونِ. ولا تُطيعوا أمرَ المسرفينَ}: الذين تجاوزوا الحدَّ، {الذين يُفْسِدونَ في الأرض ولا يُصْلحِونَ}؛ أي: الذين وصفُهم ودأبهم الإفسادُ في الأرض بعمل المعاصي والدعوةِ إليها إفساداً لا إصلاحَ فيه، وهذا أضرُّ ما يكون؛ لأنَّه شرٌّ محضٌ، وكأنَّ أناساً عندَهم مستعدُّون لمعارضة نبيِّهم. موضِعون في الدعوة لسبيل الغَيِّ، فنهاهم صالحٌ عن الاغترارِ بهم، ولعلَّهم الذين قال الله فيهم: {وكانَ في المدينةِ تسعةُ رَهْطٍ يُفْسِدونَ في الأرضِ ولا يُصْلِحونَ}.