لمَّا ذَكَرَ قَصَصَ الأنبياءِ مع أممهم، وكيف دَعَوْهم وردُّوا عليهم به، وكيف أهلك اللهُ أعداءَهم وصارت لهم العاقبةُ؛ ذكر هذا الرسول الكريم والنبيَّ المصطفى العظيم وما جاء به من الكتابِ الذي فيه هدايةٌ لأولي الألباب، فقال:
{وإنَّه لتنزيلُ ربِّ العالمين}: فالذي أنزله
فاطرُ الأرض والسماوات، المربي جميعَ العالمِ العلويِّ والسفليِّ، وكما أنه ربَّاهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم؛ فإنَّه يربِّيهم أيضاً بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم، ومن أعظم ما ربَّاهم به إنزالُ هذا الكتاب الكريم، الذي اشتمل على الخير الكثير والبرِّ الغزير، وفيه من الهدايةِ لمصالح الدارينِ والأخلاق الفاضلةِ ما ليس في غيره،
[و] في قوله:
{إنَّه لَتنزيلُ ربِّ العالمين} من تعظيمه وشدَّة الاهتمام فيه من كونه نَزَلَ من الله لا من غيره مقصوداً فيه نفعكم وهدايتكم.