فخرج فرعونُ وجنودُه في جيش عظيم ونفيرٍ عامٍّ، لم يتخلَّف منهم سوى أهل الأعذار الذين منعهم العجزُ؛ قال الله تعالى: {فأخْرَجْناهم من جنَّاتٍ وعيونٍ}؛ أي: بساتين مصر وجنانها الفائقة وعيونها المتدفِّقة وزروع قد ملأت أراضيهم وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم، {ومقام كريم}: يُعْجِبُ الناظرين ويُلهي المتأمِّلين؛ تمتَّعوا به دهراً طويلاً، وقضوا بلذَّاتِهِ وشهواتِهِ عمراً مديداً على الكفر والعناد والتكبُّر على العباد والتيه العظيم، {كذلك وأوْرَثْناها}؛ أي: هذه البساتين والعيون والزُّروع والمقام الكريم {بني إسرائيلَ}: الذين جَعَلوهم من قَبْلُ عبيدَهم وسُخِّروا في أعمالهم الشاقَّة؛ فسبحان مَنْ يؤتي الملكَ مَنْ يشاءُ وينزِعُه عمَّن يشاءُ ويعزُّ من يشاءُ بطاعتِهِ، ويذلُّ من يشاء بمعصيتِهِ.