هذا إخبارٌ من الله تعالى عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة، وأنَّه يسألهم عن أصول الأشياء؛ عن عبادة الله، وإجابة رسله، فقال: {ويوم يناديهم}؛ أي: ينادي مَنْ أشركوا به شركاء يعبُدونَهم ويرجون نفعَهم ودفعَ الضرر عنهم، فيناديهم ليبيِّنَ لهم عجزها وضلالهم، {فيقولُ أين شركائِيَ}: وليس لله شريكٌ، ولكن ذلك بحسب زعمِهِم وافترائِهِم، ولهذا قال: {الذين كنتم تزعُمونَ}: فأين هم بذواتِهِم؟! وأين نفعُهم؟! وأين دفعُهم؟! ومن المعلوم أنَّهم يتبيَّن لهم في تلك الحال أنَّ الذي عبدوه ورجَوْه باطلٌ مضمحلٌّ في ذاته وما رجوا منه، فيقرُّون على أنفسهم بالضَّلالة والغواية، ولهذا {قال الذين حقَّ عليهم القولُ}: من الرؤساء والقادة في الكفر والشرِّ؛ مقرِّين بغوايتهم وإغوائهم: {ربَّنا هؤلاء}: التابعون {الذين أغْوَيْنا أغْوَيْناهم كما غَوَيْنا}؛ أي: كلنا قد اشترك في الغِواية وحقَّ عليه كلمةُ العذاب، {تبرَّأنا إليكَ}: من عبادتهم؛ أي: نحن برآءُ منهم ومن عملهم. {ما كانوا إيَّانا يَعْبُدونَ}: وإنَّما كانوا يعبُدون الشياطين.