سورة القصص تفسير مجالس النور الآية 14

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ ﴿١٤﴾

تفسير مجالس النور سورة القصص

المجلس الثاني والسبعون بعد المائة: موسى بعد أن بلَغ أشدَّه


من الآية (14- 28)


ينتقِلُ السياق القرآني ليعرِض لنا مرحلةً أخرى من حياة هذا النبيِّ الكريم؛ حيث بلغ أشُدَّهُ وأَوْجَ قوَّته، وهو مُنجذِبٌ في حياته الاجتماعيَّة إلى جهتَين متنافرتَين: بيت فرعون الذي تولَّاه بالرعاية وأغدق عليه حتى بلغ أشُدَّهُ، وبيت بني إسرائيل، وهم أهلُه الذين كانوا يعيشون تحت وطأة فرعون وظُلمه، وكان على موسى عليه السلام أن يختار موقفَه، وهنا يأتي الحدث الذي يُعجِّل بتحديد المسار، ثم لتكون له آثاره وتداعياته الكبيرة والخطيرة، وكما يأتي:
أولًا: تضع السورة إطارًا عامًّا لحياةِ موسى عليه السلام؛ حيث بلغ أشُدَّهُ، فآتاه الله حكمًا وعلمًا، وجعله من المحسنين ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾.
ثانيًا: في هذه المرحلة يحصلُ لموسى عليه السلام حدثٌ مُهِمٌّ في حياته؛ حيث استغاثَه رجلٌ مِن قومه على رجلٍ مِن قوم فرعون في غفلةٍ من الناس، فضرَبَه موسى بعصاه فقتله دون أن يعلَمَ بذلك أحدٌ، والظاهرُ أنه لم يُرِد قتلَه، ثم ندِم موسى على فِعلته هذه، وعدَّها من عمل الشيطان: ﴿وَدَخَلَ ٱلۡمَدِینَةَ عَلَىٰ حِینِ غَفۡلَةࣲ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِیهَا رَجُلَیۡنِ یَقۡتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِیعَتِهِۦ وَهَـٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِی مِن شِیعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِی مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَیۡهِۖ قَالَ هَـٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوࣱّ مُّضِلࣱّ مُّبِینࣱ ﴿١٥﴾ وَدَخَلَ ٱلۡمَدِینَةَ عَلَىٰ حِینِ غَفۡلَةࣲ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِیهَا رَجُلَیۡنِ یَقۡتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِیعَتِهِۦ وَهَـٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِی مِن شِیعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِی مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَیۡهِۖ قَالَ هَـٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوࣱّ مُّضِلࣱّ مُّبِینࣱ﴾، والمقطوع به: أنَّ هذا كان قبل أن يُوحَى إليه؛ حيث كان تكليفُه بالرسالة بعد فِراره منهم، كما هو معلوم.
ثالثًا: رغم شعوره عليه السلام بالندم على قتل الفرعونيِّ، إلَّا أنَّه وضع لنفسه قاعدةً صارمةً وحاسمةً أن لا يكون عونًا لمجرمٍ، جاعلًا هذا من تمام شكره لنعمة الله عليه ﴿قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِیرࣰا لِّلۡمُجۡرِمِینَ﴾.
وهنا إشارةٌ: أنَّ الفرعونيَّ كان ظالمًا، وأنَّ صاحبه الذي استغاثَ به كان مظلومًا؛ ولذلك لمَّا استغاثه مرَّة أخرى نصَرَه وهمَّ بأن يبطِش بعدوِّهما، وقد مرَّ في فواتح هذه السورة أنَّ فرعون كان يُذبِّح أبناءهم، ويَستَحيِي نساءهم، فهذا أصلٌ في العلاقة بين الفئتَين، لكنَّ موسى لا يريد أن يستعجل المواجهة معهم، ومِن ثَمَّ جعل فعلَتَه تلك خطأً من الشيطان، ثم لامَ صاحبَه على كثرة خصومته مع قوم فرعون - كما سيأتي -، والله أعلم.
رابعًا: أخذ موسى بعد أن قتل الرجل الفرعوني يترقَّب الأخبار، وهو خائفٌ مما سيحصُلُ له، ثم قدَّر الله أن يرَى صاحبَه الإسرائيليَّ في خصام مع فرعونيٍّ آخر، فاستغاثَ به الإسرائيليُّ مرة أخرى، فأنَّبَه موسى على كثرة خصوماته وإن كان من الفئة المظلومة: ﴿فَأَصۡبَحَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ خَاۤىِٕفࣰا یَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِی ٱسۡتَنصَرَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ یَسۡتَصۡرِخُهُۥۚ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰۤ إِنَّكَ لَغَوِیࣱّ مُّبِینࣱ﴾ لكنَّه لم يتخَلَّ عن نُصرته، فهمَّ بقتل الفرعوني ﴿فَلَمَّاۤ أَنۡ أَرَادَ أَن یَبۡطِشَ بِٱلَّذِی هُوَ عَدُوࣱّ لَّهُمَا قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ أَتُرِیدُ أَن تَقۡتُلَنِی كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ إِن تُرِیدُ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ جَبَّارࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا تُرِیدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ﴾.
خامسًا:عرف الفراعنة أنَّ موسى هو مَن قتَلَ صاحبَهم، فَأْتمروا لقتله، غير أنَّ الله هيَّأ له من يُحذِّره ﴿وَجَاۤءَ رَجُلࣱ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ﴾، فخرج موسى من أرض مصر فارًّا بنفسه على خوفٍ وترقُّبٍ مِن فرعون وملئِه ﴿فَخَرَجَ مِنۡهَا خَاۤىِٕفࣰا یَتَرَقَّبُۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾، وكانت وِجهَتُه: أرض مدين شمال جزيرة العرب ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَاۤءَ مَدۡیَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّیۤ أَن یَهۡدِیَنِی سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ﴾.
سادسًا: على ماء مدين كان له مشهدٌ آخر غيَّر كثيرًا من نمط حياته، حينما وجد الناس يسقون من الماء إلَّا امرأتين مُنعزلتين عن الناس ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ﴾.
سابعًا: ذهب موسى إلى ظلٍّ قريبٍ من الماء ﴿فَجَاۤءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ قَالَتۡ إِنَّ أَبِی یَدۡعُوكَ لِیَجۡزِیَكَ أَجۡرَ مَا سَقَیۡتَ لَنَاۚ ﮚ﴾ لم يكن لموسى إلَّا أن يستجيبَ، فانطلق معها حتى وافَى أباها ﴿فَلَمَّا جَاۤءَهُۥ وَقَصَّ عَلَیۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾.
وهنا يظهر أنَّ الله تعالى قد اختارَ لموسى عليه السلام هذا البيتَ الصالحَ، وقد عرف موسى صلاحَ هذا البيت من حياء المرأتَين، وحِرْصِ أبيهما على مكافأته بالخير أن سقَى لهما، فاطمأنَّ وقصَّ قصَّتَه التي ألجَأَتْه إلى الخروج، فكان جوابُ الشيخ يُؤكِّدُ صلاحَه وكرمَه، وحُسنَ خُلُقه.
ثامنًا: عرَضَت إحدى المرأتين على أبيها أن يُبقِيه عندهم أجيرًا يرعَى لهم ماشِيَتَهم ﴿قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا یَـٰۤأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ﴾ وكانت حاجتهم له قائمة، ولا يبعُد أيضًا أنَّ أباها فهِمَ منها أنَّها تُريده زوجًا، لكن تعريضًا يُناسِبُ أدبَها وحياءَها لا تصريحًا.
تاسعًا: توجَّه الشيخ الكبير إلى موسى بما فيه الحكمة والمصلحة المشتركة له ولابنته ولضيفه: ﴿قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾.
عاشرًا: قبِلَ موسى عليه السلام عرضَ صاحب البيت، فتمَّ زواجُه بالتي اختارها، وإشارة السياق أنَّها التي اختارَتْه أيضًا، والله أعلم.


﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰۤ﴾ أي: بلغ مبلغ الرجال وكملت قوَّته، وفيه أنَّ (استوى) تدلُّ على الكمال والقوة، كما تدل على العلوِّ.
﴿وَدَخَلَ ٱلۡمَدِینَةَ عَلَىٰ حِینِ غَفۡلَةࣲ مِّنۡ أَهۡلِهَا﴾ أي: في وقت غفلتهم وراحتهم، بمعنى أنَّه لم يكن في طريقه أحدٌ إلا الاثنَين المتخاصمَين.
﴿هَـٰذَا مِن شِیعَتِهِۦ وَهَـٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ﴾ الأول من بني إسرائيل، والثاني من قوم فرعون.
﴿فَٱسۡتَغَـٰثَهُ﴾ طلب منه الغوث والعون.
﴿فَوَكَزَهُۥ﴾ طعَنَه.
﴿فَقَضَىٰ عَلَیۡهِۖ﴾ مات بتلك الطعنة، ولم يكن مُتعمدًا قتله.
﴿قَالَ هَـٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ﴾ لأنَّه أدرك أنَّ عاقبة هذا الفعل قد لا تكون خيرًا عليه وعلى قومه.
﴿فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِیرࣰا لِّلۡمُجۡرِمِینَ﴾ لن أكون عونًا لهم.
﴿یَسۡتَصۡرِخُهُۥۚ﴾ يستغيثه ويطلب نجدته.
﴿إِنَّكَ لَغَوِیࣱّ مُّبِینࣱ﴾ بمعنى أنَّك تتسبَّب في الشرِّ بكثرة تعرُّضك للخصومة، وليس فيه حُكْمٌ لصالح الفرعونيِّ؛ إذ لو كان كذلك لما همَّ بالبطش به، ولأنَّه من غير المتوقع أن يعتدي الإسرائيلي - وهو من الفئة المستضعفة - على الفرعوني - وهو من الفِئة الحاكِمة -.
﴿فَلَمَّاۤ أَنۡ أَرَادَ أَن یَبۡطِشَ بِٱلَّذِی هُوَ عَدُوࣱّ لَّهُمَا قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ أَتُرِیدُ أَن تَقۡتُلَنِی كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ﴾ مُحتملٌ أن يكون القائل هو الإسرائيلي؛ لما رأى من غضبه ولومه الشديد له، فظنَّ أنَّه يقصده، وهنا قرينةٌ: أنَّه لا أحد غيره يعلم بقتل الأول.
ولا يبعُد أن يكون القائل هو الفرعونيّ، بدلالة السياق، ويكون قوله على سبيل التهمة؛ لأنَّ حادثة القتل حصَلَت يقينًا، ولكنهم لم يعرفوا القاتل، فلما رأى هذا الفرعوني شدَّة موسى وجُرأته عليه حتى كاد أن يقتُلَه، عرف أنَّه هو القاتل؛ لأنه لم يعهد هذا في بني إسرائيل، وفي مثل هذه الحالات يكون مثل هذا الاتهام على سبيل الردع والتخويف، والله أعلم.
﴿وَجَاۤءَ رَجُلࣱ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ﴾ أي: يُسرع في مشيه.
﴿یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ﴾ يتشاورون بشأن قتلك والانتقام منك.
﴿تِلۡقَاۤءَ مَدۡیَنَ َ﴾ جهة مدين.
﴿سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ﴾ السبيل السويّ والمستقيم.
﴿تَذُودَانِۖ﴾ تكفَّان غنَمَهما عن زحمة الرعاة.
﴿حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ﴾ حتى ينصرف الرعاة بأغنامهم عن الماء.
﴿وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ﴾ لم يُحدد القرآن هويَّته، لكنَّه ظاهر الصلاح والعدل، فلعلَّه كان نبيًّا أو تابعًا لنبيٍّ، وقد انصرَفَت أذهانُ بعض المفسرين إلى شُعيبٍعليه السلام؛ لأن مدين قومه الذين بُعث فيهم، وليس هذا دليلًا كافيًا؛ إذ قد يكون الزمن مختلفًا، والله أعلم.
﴿تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ﴾ استظلَّ بشجرةٍ قريبةٍ من الماء.
﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ﴾ أي: فقير لمثل ما أنزلتَه عليَّ من الخير، مزَجَ بين شكره لله على نعمائه السابقة؛ إذ نجَّاه من فرعون، وأعطاه العلم والحكمة، وبين دعائه؛ إذ هو الآن بحاجة إلى المأوى والغذاء وأسباب المعيشة.
﴿تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ﴾ قد تمكَّن منها الحياء، وقد ظهر هذا الخُلقُ الجميلُ فيها من طريقةِ مشيها.
﴿قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ لأنَّ فرعون لا سلطان له على مدين.
﴿قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا یَـٰۤأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ﴾ أي: اتَّخِذه أجيرًا.
﴿إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ﴾ قيمتان متكاملتان من قِيَم العمل: القوَّة، والأمانة، وكلُّ ما عداهما تبَعٌ لهما، ويدورُ في فلَكهما.
﴿عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ﴾ أي: تعمل عندي ثماني سنوات.
﴿أَیَّمَا ٱلۡأَجَلَیۡنِ قَضَیۡتُ فَلَا عُدۡوَ ٰ⁠نَ عَلَیَّۖ﴾ أي: إذا قضَيتَ الثماني أو العشر فقد أدَّيت ما عليَّ، فلا تطلب مني الزيادةَ عليها، وربما كانت الحكمة الإلهيَّة في بقائه في مدين وبجوار هذا الرجل الصالح كلّ هذه السنوات الثماني أو العشر؛ لإعداده إعدادًا يُناسِبُ مهمته الكبرى التي تنتظره، والله أعلم.