يخبر تعالى من هم الذين زال عنهم الخيرُ وحَصَلَ لهم الشرُّ، وأنَّهم الذين كفروا به وبرسله وبما جاؤوهم به، وكذَّبوا بلقاء الله، فليس عندهم إلاَّ الدُّنيا؛ فلذلك أقدموا على ما أقدموا عليه من الشرك والمعاصي؛ لأنه ليس في قلوبهم ما يخوِّفهم من عاقبة ذلك، ولهذا قال: {أولئك يَئِسوا من رحمتي}؛ أي: فلذلك لم يعملوا سبباً واحداً يُحَصِّلونَ به الرحمةَ، وإلاَّ؛ فلو طمعوا في رحمته؛ لعملوا لذلك أعمالاً. والإياس من رحمة الله من أعظم المحاذير، وهو نوعان: إياسُ الكفَّار منها وتركُهم جميع سبب يقرِّبُهم منها. وإياسُ العصاة بسبب كثرةِ جناياتهم أوْحَشَتْهم فمَلَكَتْ قلوبَهم، فأحدث لها الإياس. {وأولئك لهم عذابٌ أليمٌ}؛ أي: مؤلم موجع. وكأن هذه الآياتِ معترضاتٌ بين كلام إبراهيم لقومه وردِّهم عليه، والله أعلمُ بذلك.