سورة العنكبوت تفسير السعدي الآية 33

وَلَمَّاۤ أَن جَاۤءَتۡ رُسُلُنَا لُوطࣰا سِیۤءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعࣰاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَـٰبِرِینَ ﴿٣٣﴾

تفسير السعدي سورة العنكبوت

فأيس منهم نبيُّهم، وعلم استحقاقهم العذاب، وجزع من شدة تكذيبهم له، فدعا عليهم، و {قال ربِّ انصُرْني على القوم المفسِدين}: فاستجاب الله دعاءَه، فأرسل الملائكةَ لإهلاكِهِم، فمرُّوا بإبراهيم قبل ذلك، وبشَّروه بإسحاقَ ومن وراءِ إسحاقَ يعقوب، ثم سألهم إبراهيمُ: أين يريدون؟ فأخبروه أنَّهم يريدون إهلاكَ قوم لوط، فجعل يراجِعُهم ويقول: {إنَّ فيها لوطاً}، فقالوا له: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وأهلَه إلاَّ امرأتَه كانت من الغابرين}: ثم مَضَوْا حتى أتوا لوطاً، فساءه مجيئُهم، وضاق بهم ذَرْعاً؛ بحيث إنه لم يعرِفْهم، وظنَّ أنَّهم من جملة أبناء السبيل الضيوف، فخاف عليهم من قومه، فقالوا له: {لا تَخَفْ ولا تَحْزَنْ}: وأخبروه أنَّهم رسل الله، {إنَّا منجُّوك وأهْلَكَ إلاَّ امرأتَكَ كانت من الغابرين. إنَّا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً}؛ أي: عذاباً {من السماء بما كانوا يَفْسُقون}: فأمروه أن يَسْرِيَ بأهله ليلاً، فلما أصبحوا؛ قَلَبَ الله عليهم ديارهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارةً من سِجِّيل متتابعة حتى أبادتهم وأهلكتهم فصاروا سمراً من الأسمار وعبرةً من العبر. {ولقد تَرَكْنا منها آيةً بَيِّنَةً لقوم يعقلونَ}؛ أي: تركنا من ديار قوم لوط آثاراً بيِّنة لقوم يعقلون العِبَرَ بقلوبهم فينتفعونَ بها؛ كما قال تعالى: {وإنَّكُم لَتَمُرُّونَ عليهم مصبحينَ. وبالليلِ أفلا تعقِلونَ}.