ثم ألزم تعالى المشركين بإخلاصهم لله في حال الشدَّة عند ركوب البحر وتلاطُم أمواجه وخوفِهِم الهلاك؛ يتركون إذاً أندادَهم، ويخلِصون الدُّعاء لله وحدَه لا شريك له، فلمَّا زالتْ عنهم الشدةُ ـ ونجَّاهم من أخلصوا له الدُّعاء إلى البرِّ ـ أشركوا به مَنْ لا نجَّاهم من شدَّة، ولا أزال عنهم مشقَّة؛ فهلاَّ أخلصوا لله الدعاءَ في حال الرخاء والشدة واليُسر والعُسر؛ ليكونوا مؤمنين به حقًّا، مستحقِّين ثوابه، مندفعاً عنهم عقابه، ولكن شركهم هذا بعد نعمتنا عليهم بالنجاة من البحر ليكونَ عاقبتُهُ كفر ما آتيناهم، ومقابلة النعمة بالإساءة، وليكملوا تمتُّعهم في الدُّنيا، الذي هو كتمتُّع
الأنعام، ليس لهم همٌّ إلا بطونُهم وفروجُهم.
{فسوف يعلمونَ}: حين ينتقِلون من الدُّنيا إلى الآخرة شدَّة الأسف وأليم العقوبة.