لمّا أقام الحجج على أهل الكتاب ووبَّخهم بكفرهم وعنادهم، حذر عباده المؤمنين عن الاغترار بهم، وبين لهم أن هذا الفريق منهم حريصون على إضراركم وردكم إلى الكفر بعد الإيمان، ولكن ولله الحمد أنتم يا معشر المؤمنين، بعدما منَّ الله عليكم بالدين ورأيتم آياته ومحاسنه ومناقبه وفضائله، وفيكم رسول الله الذي أرشدكم إلى جميع مصالحكم، واعتصمتم بالله وبحبله الذي هو دينه يستحيل أن يردوكم عن دينكم، لأن الدين الذي بني على هذه الأصولِ والدعائمِ الثابتة الأساس، المشرقة الأنوار تنجذب إليه الأفئدة، ويأخذ بمجامع القلوب، ويوصل العباد إلى أجل غاية وأفضل مطلوب. {ومن يعتصم بالله}؛ أي: يتوكل عليه ويحتمي بحماه {فقد هدي إلى صراط مستقيم}؛ وهذا فيه الحث على الاعتصام به وأنه السبيل إلى السلامة والهداية.