أي: {ولقد ضَرَبْنا}: لأجل عنايتنا ورحْمَتِنا ولطفنا وحسنِ تعليمنا {للناس في هذا القرآنِ من كلِّ مثلٍ}: تتَّضِح به الحقائقُ وتُعرف به الأمور وتنقطعُ به الحجَّةُ، وهذا عامٌّ في الأمثال التي يضرِبُها الله في تقريب الأمور المعقولة بالمحسوسة، وفي الإخبار بما سيكون وجلاءِ حقيقتِهِ حتى كأنَّه وَقَعَ، ومنه في هذا الموضع ذكرُ الله تعالى ما يكون يوم القيامةِ، وحالةَ المجرمين فيه، وشدَّةَ أسَفِهم، وأنَّه لا يقبلُ منهم عذرٌ ولا عتابٌ، ولكن أبى الظالمون الكافرون إلاَّ معاندة الحقِّ الواضح، ولهذا قال: {ولئن جِئْتَهم بآيةٍ}؛ أي: أيَّ آية تدلُّ على صحة ما جئتَ به، {لَيقولَنَّ الذين كَفَروا إنْ أنتُم إلاَّ مبطلونَ}؛ أي: قالوا للحقِّ: إنَّه باطل! وهذا من كفرهم وجراءتهم وطَبْعِ الله على قلوبهم وجَهْلهم المفرطِ، ولهذا قال: {كذلك يَطْبَعُ الله على قلوبِ الذين لا يعلمونَ}: فلا يَدْخُلُها خيرٌ، ولا تدركُ الأشياءَ على حقيقتها، بل ترى الحقَّ باطلاً والباطل حقًّا.