على ما أمرتَ به وعلى دعوتِهِم إلى اللَّه ولو رأيتَ منهم إعراضاً؛ فلا يصدَّنَّك ذلك. {إنَّ وعدَ الله حقٌّ}؛ أي: لا شكَّ فيه، وهذا مما يُعين على الصبر؛ فإنَّ العبد إذا علم أنَّ عمله غير ضائع، بل سيجدُه كاملاً؛ هانَ عليه ما يلقاه من المكاره، وتيسَّر عليه كلُّ عسيرٍ، واستقلَّ من عملِهِ كلَّ كثير. {ولا يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين لا يوقنونَ}؛ أي: قد ضعف إيمانُهم وقلَّ يقينُهم فخفَّت لذلك أحلامُهم، وقلَّ صبرُهم؛ فإيَّاكَ أن يستخِفَّكَ هؤلاء؛ فإنَّك إنْ لم تجعلْهم منكَ على بالٍ، وتحذَرْ منهم، وإلاَّ؛ استخُّفوك وحملوك على عدم الثبات على الأوامر والنواهي، والنفسُ تساعِدُهم على هذا، وتطلُبُ التشبُّه والموافقة ، وهذا مما يدلُّ على أنَّ كلَّ مؤمن موقن رزين العقل؛ يَسْهُلُ عليه الصبر، وكلّ ضعيف اليقين؛ ضعيف العقل خفيفُه؛ فالأول بمنزلة اللُّبِّ، والآخر بمنزلة القشور. فالله المستعان.