سورة الروم تفسير مجالس النور الآية 17

فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ ﴿١٧﴾

تفسير مجالس النور سورة الروم

المجلس الثاني والثمانون بعد المائة: آيات الله في الكون والإنسان


من الآية (17- 29)


في ثنايا الحديث عن صراع الحقِّ والباطل والذي تقدَّم في المجلس السابق، كان القرآن قد دعا المشركين إلى النظر في أنفسهم وفي هذا الكون مِن حولهم لعلهم يهتدون ويرشدون.
وفي هذه الآيات يتناول القرآن صورًا ونماذج متعددة ومتنوعة من آيات الله المبثوثة في هذا العالم المنظور، والتي تستفزُّ العقلَ ليصحُو من غفلته، ويهبّ من رقدته:
أولًا: نبَّه القرآن إلى تنوُّع الأوقات في اليوم والليلة، والتي هي مجالٌ واسعٌ للتأمل والتفكُّر ﴿فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ ﴿١٧﴾ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِیࣰّا وَحِینَ تُظۡهِرُونَ﴾.
ثم قرَنَ هذا التنوُّع بخلق السماوات والأرض، إشارة إلى السبب الفلكي في تكوين هذه الأوقات، وهو الذي يُعرف علميًّا بدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، ثم نبَّه إلى الدور الوظيفي لتقسيم اليوم إلى ليلٍ ونهارٍ، فالليل للسكن والنَّوم والراحة، والنهار للعمل وابتغاء الرزق ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَاۤؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ﴾.
ثانيًا: نبَّه القرآن إلى سنَّة الله في الإحياء والإماتة، وما يُسمَّى بدورة الحياة، والتي نراها ونلمسها كلَّ يومٍ في النبات وغيره ﴿یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَیُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّ وَیُحۡیِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ تُخۡرَجُونَ﴾ فهذه دلائل على حكمة الخالق؛ إذ لولا هذا لما استمرَّ الخلق. وفيه أيضًا دليل الحياة الأخرى بالنسبة للإنسان ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ تُخۡرَجُونَ﴾.
ثم نبَّه القرآن إلى ظاهرةٍ كونيَّةٍ تستدعي التأمل والتفكر؛ وهي دورةُ المياه على هذه الأرض، والتي تنتُجُ عنها دورةُ الحياة ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَیُحۡیِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ﴾.
ثم أكَّد أنَّ الذي تقوم كلُّ هذه الحياة بأمره قادرٌ على أن يبثَّ فينا الحياة مرَّةً أُخرى، بل هذه هي سنَّة الله في ما نراه ونلمسه في حياتنا الدنيا ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ ﴿٢٥﴾ وَلَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلࣱّ لَّهُۥ قَـٰنِتُونَ ﴿٢٦﴾ وَهُوَ ٱلَّذِی یَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَیۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾.
ثالثًا: نبَّه القرآنُ إلى خَلْقِ الإنسان ثم انتشاره في هذه الأرض ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابࣲ ثُمَّ إِذَاۤ أَنتُم بَشَرࣱ تَنتَشِرُونَ﴾.
رابعًا: نبَّه القرآن إلى العلاقة الزوجيَّة بين الرجل والمرأة، والتي هي أساسُ استِمرار الحياة الآدميَّة وتكاثرها، وما ينبغي أن تُؤسَّس عليه الأسرة لاستِقرارها وعطائِها ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَ ٰ⁠جࣰا لِّتَسۡكُنُوۤاْ إِلَیۡهَا وَجَعَلَ بَیۡنَكُم مَّوَدَّةࣰ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾.
خامسًا: نبَّه القرآن إلى اختلاف الناس في لُغاتهم وألوان بشرتهم، وأنَّ هذا جُزءٌ من النظام الكوني العام، فالذي خلق الإنسان وكثَّره ونوَّعه هو نفسه الذي خلق السماوات والأرض، ومِن ثَمَّ نَجِدُ هذا التنسيقَ بين الإنسان وما حوله بما يضمن حاجاته واستمرار حياته ﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَ ٰ⁠نِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّلۡعَـٰلِمِینَ﴾.
سادسًا: بعد هذه التنبيهات والآيات الباهِرات، أخذ القرآن بمناقشة هذه العقول واستِنطاقها، وضرَبَ المثَلَ لها من واقعها الذي تعيشه ﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلࣰا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن شُرَكَاۤءَ فِی مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِیهِ سَوَاۤءࣱ تَخَافُونَهُمۡ كَخِیفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ﴾.
فالله الذي خلق كلَّ هذا الخلق وكثَّره ونوَّعه، وأقامَه على سنَّةٍ واحدةٍ ونظامٍ واحدٍ كيف يأتي من يُنازعه في خَلقِه أو مُلكِه ـ؟ والإنسان بفِطرته وطبيعته لا يرضى أن يُشاركه عبدُه فيما يملِك، أو أن يُنازِعه في تدبير ماله وشؤونه مُنازعة الشريك لشريكه؛ بحيث يخشى منه ويحسب له حسابه.
سابعًا: في ثنايا هذه التنبيهات، جاء التأكيدُ المتكرِّر لأهميَّة فتح منافذ المعرفة، والتحرُّر من رِبْقة الغفلة والجمود والبلادة التي تغلق الآفاق الرحبة أمام الإنسان:
فجاء التنويه بأهميَّة التفكير: ﴿إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾، ثم بأهميَّة العلم، والذي هو نِتاج التفكير السليم: ﴿إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّلۡعَـٰلِمِینَ﴾، ثم نبَّه إلى وظيفة السمع وما تتضمَّنه من الإصغاء ومحاولة التدبُّر والفَهم ﴿إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ﴾، ثم كرَّر التنويهَ بالعقل، والذي هو أساس الفهم والعلم، والتفكُّر والتدبُّر: ﴿إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ﴾، ﴿كَذَ ٰ⁠لِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ﴾.
ثم حذَّر من أصل الضلال وسببه الأول، ألا وهو الجهل وتنكُّبُ طريق العلم ﴿بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤاْ أَهۡوَاۤءَهُم بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ فَمَن یَهۡدِی مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ﴾.
فاعجَبْ بعد هذا لمَن يعرِضُ الوحيَ بعيدًا عن مقتضى العلم والعقل والفكر، ويدَّعي التنازُع والتضادَّ بين آيات الوحي ومُسلَّمات العقل!


﴿فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ﴾ يعني أنَّ الله تعالى مُستحِقٌّ للتنزيه والتقديس دائمًا وأبدًا، صباحًا ومساءً.
﴿وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِیࣰّا وَحِینَ تُظۡهِرُونَ﴾ يعني أنَّ الله تعالى مُستحِقٌّ للحمد من أهل السماوات والأرض، وفي كلِّ وقتٍ وحينٍ، وهذه الآية والتي قبلها تُشيران إلى أهمية الذكر ليلًا ونهارًا، ومع الذكر التأمُّل والتفكُّر اللذان يقودان إلى معرفة الله وتنزيهِه سبحانه عن كلِّ شريكٍ، وعن كلِّ صفةٍ وحالةٍ لا تليقُ به، وقوله: ﴿وَحِینَ تُظۡهِرُونَ﴾ أي: وقت الظهيرة.
﴿یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ﴾ إذ أصل الخلق كان من التراب الذي ليس فيه روح، ثم يكون من النطفة والحبة والنوى، وهي أشياء جامدةٌ وإن كانت فيها مقوِّمات الحياة الأولى، لكنها أشبَه بالميت في جمودها وسكونها وعدم قدرتها على الحركة.
﴿وَیُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّ﴾ في دورة الحياة المألوفة؛ حيث تخرج البذرة الجامدة من الشجرة النامية، وتخرج البيضة الساكنة من الطائر المتحرِّك.
﴿وَیُحۡیِ ٱلۡأَرۡضَ﴾ بالنبات ﴿بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ﴾ بعد جدبها وقحطها.
﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ تُخۡرَجُونَ﴾ تشبيهٌ لبعث الناس وإعادة خلقهم بما يرَونه في الدنيا مِن إحياء الأرض بعد موتها، ومِن إخراج الميِّت من الحي، وإخراج الحي من الميِّت.
﴿وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابࣲ﴾ حيث خلق الله أبانا آدم من التراب، ثم جعل أجسادنا تتغذَّى بالنبات الذي يتكوَّن وينمُو من الماء والتراب.
﴿خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَ ٰ⁠جࣰا﴾ خلق حواء من آدم، ثم خلق كلَّ ذكرٍ وأنثى من سُلالة البشر أنفسهم؛ من نُطفة، ثم من علقة، ثم من مُضغة، فتبارك الله أحسن الخالقين.
﴿لِّتَسۡكُنُوۤاْ إِلَیۡهَا﴾ بيان لوظيفة المرأة الأساس، وهي أن تكون المأوى المستقِر الذي يملأ البيت بالسكينة والطمأنينة.
﴿وَجَعَلَ بَیۡنَكُم مَّوَدَّةࣰ وَرَحۡمَةًۚ﴾ بيان للقيمة المحوريَّة التي تحكم العلاقة بين الزوجَين، وهي قيمةٌ مركَّبةٌ من الحبِّ والرحمة، وهي المعيار الحقُّ الذي يقيس نجاحَ هذه العلاقة من فشلها، وكلُّ قيمةٍ أخرى أو حقٌّ آخر ينبغي أن يدور حول هذه القيمة؛ فالبيت الذي ليس فيه مودَّة ولا رحمة لا تنفعه وفرة مالٍ، ولا كثرة عيالٍ، ولا زينة ظاهرة، أو كسوة فاخرة.
وإنَّ مما يجدُرُ التنبيهُ إليه هنا: ظهورُ ثقافة المنافسة والمناكفة بين الزوجين تحت عناوين مختلفة؛ كإثبات قوَّة الشخصية، وعدم التنازل عن الحقِّ، وكأنَّهما يعيشان في قاعة المحكمة -وهي ثقافةٌ غريبةٌ عن أصولنا وعاداتنا -، مما كان له الأثر البالغ في زيادة معدَّلات الطلاق، والنُّفرة عن الزواج؛ إذ حقوق الزوجين أكبر وأدق من أن تحدَّها أحكام قضائيَّة، بل هذه الأحكام إنَّما وُجِدَت لدفع الظلم، ورفع الضرر، وليست لإقامة الحياة السعيدة، فالسعادة أسمى وأرفع من ذلك، وما يطلبه الزوجان من حقوقٍ ينالانه وزيادة في أجواء المحبَّة والرحمة أكثر بكثير مما ينالانه تحت حكم القاضي، أو فتوى المفتي.
﴿وَٱخۡتِلَـٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَ ٰ⁠نِكُمۡۚ﴾ ذِكْرُ هذا الاختلاف في سياق التنبيه إلى آيات الله في الخلق مُشعِرٌ بالامتِنان، وعليه فإنَّ هذا الاختلاف هو اختلاف تنوُّع وليس اختلاف تمييز ومُفاضلة، وفيه تأكيدٌ لعالميَّة الإسلام ونظرته العادلة للإنسان، خاصَّةً أنه جاء بعد الحديث عن الأصل الواحد، والنشأة الواحدة.
﴿وَٱبۡتِغَاۤؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ﴾ عملكم لطلب الرزق.
﴿یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا﴾ من الصواعق.
﴿وَطَمَعࣰا﴾ بالغيث والمطر.
﴿أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ﴾ أن تستقر على هذا النظام الكامل المُتناسِق، والذي أودَعَه الله فيهما بإرادته وحكمته سبحانه.
﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ﴾ بمعنى أنَّ الله كما أقام السماوات والأرض بأمره، فهو القادر أيضًا أن يأمركم بالخروج للحياة الثانية، فليس بوسعكم حينئذٍ إلا الاستجابة، وهي استجابة قدريَّة تكوينيَّة ليس للإنسان فيها خيار.
﴿كُلࣱّ لَّهُۥ قَـٰنِتُونَ﴾ طائعون مُستجيبون.
﴿وَهُوَ ٱلَّذِی یَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَیۡهِۚ﴾ تقريبٌ لأذهان المشركين والمشكِّكين؛ إذ إعادة الصانع لصنعته أهوَنُ عليه من اختِراعها أول مرة، أما بالنسبة للخالق العظيم فكلاهما سيَّان؛ البدء والإعادة.
﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلࣰا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ﴾ أي: من حالكم وواقع حياتكم.
﴿هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم﴾ أي: من عبيدكم، ومِن هنا للتبعيض.
﴿مِّن شُرَكَاۤءَ﴾ مِن هنا بيانيَّة، وليست للتبعيض.
﴿فِی مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡ﴾ فيما تملِكُون من مالٍ ومتاعٍ.
﴿فَأَنتُمۡ فِیهِ سَوَاۤءࣱ﴾ أنتم وعبيدُكم مُتساوُون في هذا الملك الذي هو لكم؟
﴿تَخَافُونَهُمۡ كَخِیفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ﴾ أي: تتعاملون مع هؤلاء العبيد، وتحسبون حسابهم وكأنّهم مثلكم من حيث حقُّهم في التصرُّف بهذا الملك.
والمعنى الإجمالي لهذا المثل: أنّه هل لكم من العبيد مَن يُشارِكُكم في أموالكم حتى يكون مثلكم سواءً بسواء، حتى إنَّكم لا تتصرَّفون في هذا المال إلا بحضورهم وموافقتهم كما يفعل الشريك مع شريكه؟
وغاية المثل: أنَّ الله تعالى هو خالِقُ هذا الخلق، وبالتالي فهو الذي يملِكُه ويتصرَّف فيه بما يشاء، أما الادِّعاء بوجود آلهةٍ من هذه المخلوقات تُشارِكُ الله في مُلكه وحُكمه، فهذا مِن أبطل الباطل.