يتلو تعالى على عبادِهِ آثاراً من آثار قدرته وبدائعَ من بدائع حكمتِهِ ونعماً من آثار رحمتِهِ، فقال: {خلقَ السمواتِ}: السبع على عظمها وسَعَتها وكثافتها وارتفاعها الهائل {بغير عَمَدٍ تَرَوْنَها}؛ أي: ليس لها عمدٌ، ولو كان لها عَمَدٌ؛ لرؤيتْ، وإنَّما استقرَّتْ، واستمسَكَتْ بقدرة الله تعالى، {وألقى في الأرضِ رواسِيَ}؛ أي: جبالاً عظيمة ركزها في أرجائها وأنحائها لئلاَّ {تميدَ بكم}؛ فلولا الجبالُ الراسياتُ؛ لمادتِ الأرض ولما استقرَّتْ بساكنيها، {وبثَّ فيها من كلِّ دابَّةٍ}؛ أي: نشر في الأرض الواسعة من جميع أصناف الدوابِّ التي هي مسخَّرة لبني آدم ولمصالحهم ومنافعهم، ولمَّا بثَّها في الأرض؛ علم تعالى أنه لا بدَّ لها من رزقٍ تعيشُ به، فأنزل من السماء ماء مباركاً، {فأنبتْنا فيها من كلِّ زوج كريم}: المنظر، نافع، مبارك، فرتعت فيه الدوابُّ المنبثَّة، وسكن إليه كلُّ حيوان.