{هذا}؛ أي: خَلْقُ العالم العلويِّ والسفليِّ من جماد وحيوانٍ وسوق أرزاق الخلق إليهم، {خَلْقُ الله}: وحدَه لا شريكَ له، كلٌّ مقرٌّ بذلك، حتى أنتم يا معشر المشركين، {فأروني ماذا خَلَقَ الذين من دونِهِ}؛ أي: الذين جَعَلْتُموهم له شركاءَ تدعونهم وتعبدونهم، يلزم على هذا أن يكون لهم خَلْقٌ كخلقِهِ ورزقٌ كرزقِهِ؛ فإنْ كان لهم شيء من ذلك؛ فأرونيه؛ ليصحَّ ما ادَّعيتم فيهم من استحقاق العبادة. ومن المعلوم أنَّهم لا يقدرونَ أن يُروه شيئاً من الخلق لها؛ لأنَّ جميع المذكورات قد أقرُّوا أنَّها خلق الله وحده، ولا ثَمَّ شيءٌ يعلم غيرها، فثبت عجزُهم عن إثبات شيء لها تستحقُّ به أن تُعبد، ولكن عبادتُهم إيَّاها عن غير علم وبصيرةٍ، بل عن جهل وضلال، ولهذا قال: {بل الظالمون في ضلال مبينٍ}؛ أي: جليٍّ واضح؛ حيث عَبَدوا من لا يملكُ نفعاً ولا ضرًّا ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، وتركوا الإخلاص للخالقِ الرازق المالك لكلِّ الأمور.