سورة لقمان تفسير السعدي الآية 6

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَشۡتَرِی لَهۡوَ ٱلۡحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَیَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَــٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ ﴿٦﴾

تفسير السعدي سورة لقمان

أي: {ومن الناس من}: هو محرومٌ مخذولٌ {يشتري}؛ أي: يختارُ ويرغب رغبة من يبذُلُ الثمن في الشيء، {لهو الحديث}؛ أي: الأحاديث الملهية للقلوب، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب، فدخل في هذا كلُّ كلام محرَّم وكلُّ لغوٍ وباطل وهَذَيان؛ من الأقوال المرغِّبة في الكفر والفسوق والعصيان، ومن أقوال الرادِّين على الحقِّ المجادلين بالباطل لِيُدْحِضوا به الحقَّ، ومن غيبةٍ ونميمةٍ وكذبٍ وشتم وسبٍّ، ومن غناء ومزامير شيطان. ومن الماجرياتِ الملهيةِ التي لا نفع فيها في دين ولا دُنيا؛ فهذا الصنف من الناس {يشتري لهو الحديث} عن هدي الحديث {ليضلَّ} الناس {بغير علم}؛ أي: بعد ما ضلَّ في فعله أضلَّ غيرَه؛ لأنَّ الإضلال ناشئٌ عن الضَّلال، وإضلالُه في هذا الحديث صدُّه عن الحديث النافع والعمل النافع والحقِّ المُبين والصراطِ المستقيم، ولا يتمُّ له هذا حتى يقدحَ في الهدى والحقِّ، ويتَّخذ آيات الله هُزواً، يَسْخَرُ بها وبِمَنْ جاء بها؛ فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه والقدح في الحقِّ والاستهزاء به وبأهله؛ أضلَّ مَنْ لا علم عندَه، وخَدَعَه بما يوحيه إليه من القول الذي لا يميِّزه ذلك الضالُّ، ولا يعرف حقيقته، {أولئك لهم عذابٌ (مهينٌ)}: بما ضلُّوا، وأضلُّوا، واستهزؤوا بآيات الله، وكذَّبوا الحقَّ الواضح.