أي: قال المكذِّبون بالبعثِ على وجه الاستبعاد: {أإذا ضلَلْنا في الأرض}؛ أي: بَلينا وتمزَّقْنا وتفرَّقْنا في المواضع التي لا تعلم، {أإنَّا لَفي خلقٍ جديدٍ}؛ أي: لمبعوثون بعثاً جديداً؛ بزعمهم أن هذا من أبعد الأشياء! وذلك بقياسهم قدرة الخالق على قُدَرِهِم ، وكلامهم هذا ليس لطلب الحقيقة، وإنَّما هو ظلمٌ وعنادٌ وكفرٌ بلقاء ربهم وجحدٌ، ولهذا قال: {بل هم بلقاءِ ربِّهم كافرونَ}: فكلامُهم عُلِمَ مصدرُهُ وغايتُهُ، وإلاَّ؛ فلو كان قصدُهم بيان الحق لبُيِّنَ لهم من الأدلَّة القاطعة على ذلك ما يجعله مشاهداً للبصيرة بمنزلة الشمس للبصر، ويكفيهم أنهم عندهم علمٌ أنهم قد ابتُدِئوا من العدم؛ فالإعادةُ أسهلُ من الابتداء، وكذلك الأرضُ الميتة ينزِلُ الله عليها المطرَ فتحيا بعد موتها، وينبتُ به متفرِّقُ بذورها.