أي: ولنذيقنَّ الفاسقين المكذِّبين نموذجاً من العذاب الأدنى، وهو عذاب البرزخ، فنذيقهم طرفاً منه قبل أن يموتوا: إما بعذابٍ بالقتل ونحوه كما جرى لأهل بدر من المشركين، وإمَّا عند الموت؛ كما في قوله تعالى: {ولو ترى إذِ الظالمونَ في غَمَراتِ الموتِ والملائكةُ باسطوا أيديهم أخرِجوا أنفُسَكُم اليومَ تُجْزَوْنَ عذابَ الهُونِ}، ثم يكمل لهم العذابُ الأدنى في برزَخِهم. وهذه الآيةُ من الأدلة على إثبات عذاب القبر، ودلالتُها ظاهرةٌ؛ فإنَّه قال: {وَلَنُذيقَنَّهم من العذاب الأدنى}؛ أي: بعض وجزء منه، فدلَّ على أن ثَمَّ عذاباً أدنى قبل العذاب الأكبر، وهو عذاب النار، ولما كانت الإذاقة من العذابِ الأدنى في الدنيا قد لا يَتَّصلُ بها الموت، فأخبر تعالى أنَّه يذيقُهم ذلك؛ لعلَّهم يرجِعون إليه، ويتوبون من ذنوبهم؛ كما قال تعالى: {ظَهَرَ الفسادُ في البرِّ والبحرِ بما كَسَبَتْ أيدي الناس لِيُذيقَهم بعضَ الذي عَمِلوا لعلَّهم يرجِعونَ}.