ثم صرح لهم بترك الحالة الأولى المتضمِّنة للقول الباطل، فقال: {ادْعوهُم}؛ أي: الأدعياء {لآبائِهِم}: الذين ولدوهم {هو أقسطُ عند الله}؛ أي: أعدلُ وأقوم وأهدى، {فإن لم تَعلَموا آباءَهم}: الحقيقيين {فإخوانكم في الدين وَمَواليكُم}؛ أي: إخوتكم في دين الله ومواليكم في ذلك؛ فادْعوهم بالأخوة الإيمانيَّة الصادقة والموالاة على ذلك؛ فترك الدعوة إلى من تبنَّاهم حَتْمٌ لا يجوز فعلها، وأما دعاؤهم لآبائهم؛ فإنْ علموا؛ دعوا إليهم، وإن لم يعلموا؛ اقتُصِر على ما يُعْلَمُ منهم، وهو أخوة الدين والموالاة؛ فلا تظنُّوا أنَّ حالة عدم علمكم بآبائهم عذرٌ في دعوتهم إلى مَن تبنَّاهم؛ لأن المحذور لا يزول بذلك. {وليس عليكم جُناحٌ فيما أخطأتُم به}: بأنْ سَبَقَ على لسان أحدِكم دعوتُهُ إلى مَنْ تبنَّاه؛ فهذا غير مؤاخذٍ به، أو علم أبوه ظاهراً فدعوتُموه إليه، وهو في الباطن غير أبيه ؛ فليس عليكم في ذلك حَرَجٌ إذا كان خطأ. {ولكنْ} يؤاخِذُكُم بما تعمَّدَتْ قلوبُكُم من الكلام بما لا يجوزُ. {وكان الله غفوراً رحيماً}: غفر لكم ورحمكم؛ حيث لم يعاقِبْكم بما سَلَفَ، وسمح لكم بما أخطأتُم به، ورحِمَكُم؛ حيث بين لكم أحكامَه التي تُصْلِحُ دينَكم ودُنياكم؛ فله الحمد تعالى.