وأما من جهة أهل الشرِّ؛ فقد توعَّدهم بقوله:
{لئن لم ينتهِ المنافقون َ والذين في قلوبهم مرضٌ}؛ أي: مرض شكٍّ أو شهوةٍ،
{والمرجِفون في المدينة}؛ أي: المخوِّفون المرهِبون الأعداء، المتحدِّثون بكثرتِهِم وقوَّتِهِم وضعف المسلمين، ولم يذكرِ المعمولَ الذي ينتهون عنه؛ ليعمَّ ذلك كلَّ ما توحي به أنفسُهم إليهم، وتوسوِسُ به، وتدعو إليه من الشرِّ من التعريض بسبِّ الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين، وتوهين قُواهم، والتعرُّض للمؤمنات بالسوء والفاحشة. وغير ذلك من المعاصي الصادرة من أمثال هؤلاء.
{لَنُغْرِيَنَّكَ بهم}؛ أي: نأمرك بعقوبتهم وقتالهم ونسلِّطك عليهم، ثم إذا فعلنا ذلك؛ لا طاقةَ لهم بك، وليس لهم قوةٌ ولا امتناعٌ، ولهذا قال:
{ثم لا يجاوِرونَكَ فيها إلاَّ قليلاً}؛ أي: لا يجاورونك في المدينة إلاَّ قليلاً؛ بأن تقتُلَهم أو تنفيهم، وهذا فيه دليلٌ لنفي أهل الشرِّ الذين يُتَضَرَّر بإقامتهم بين أظهر المسلمين؛ فإنَّ ذلك أحسم للشرِّ وأبعد منه، ويكونونَ
{ملعونينَ أينما ثُقِفوا أُخِذوا وقُتِّلوا تَقْتيلاً}؛ أي: مبعَدين حيثُ وُجِدوا، لا يحصُلُ لهم أمنٌ، ولا يقرُّ لهم قرارٌ، يخشون أن يُقتلوا أو يُحبسوا أو يعاقَبوا.