هذه الآية هي التي تسمَّى آية الحجاب، فأمر الله نبيَّه أن يأمُرَ النساء عموماً، ويبدأ بزوجاتِهِ وبناتِهِ ـ لأنَّهنَّ آكدُ من غيرهنَّ، ولأنَّ الآمر لغيره ينبغي أن يبدأ بأهله قبل غيرهم؛ كما قال تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً}. {أن يُدْنينَ عليهنَّ من جلابيبِهنَّ}: وهنَّ اللاَّتي يَكُنَّ فوق الثياب من ملحفةٍ وخمارٍ ورداءٍ ونحوه؛ أي: يغطِّين بها وجوهَهن وصدورَهن، ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: {ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ}: دلَّ على وجود أذيَّةٍ إن لم يحتَجِبْن، وذلك لأنهنَّ إذا لم يحتجِبْن، ربَّما ظنَّ أنهنَّ غير عفيفاتٍ، فيتعرَّض لَهُنَّ مَنْ في قلبهِ مرضٌ، فيؤذيهنَّ، وربما استُهين بهنَّ، وظُنَّ أنهنَّ إماء، فتهاون بهنَّ من يريدُ الشرَّ؛ فالاحتجابُ حاسمٌ لمطامع الطامعين فيهنَّ. {وكان الله غفوراً رحيماً}: حيث غفر لكم ما سَلَفَ ورَحِمَكُم بأن بيَّن لكم الأحكام وأوضح الحلال والحرام؛ فهذا سدٌّ للباب من جهتهنَّ.