{إنَّ هذا}: الذي امتحنَّا به إبراهيمَ عليه السلام {لهو البَلاءُ المُبينُ}؛ أي: الواضح الذي تَبَيَّنَ به صفاءُ إبراهيم وكمالُ محبَّتِهِ لربِّه وخلَّتِهِ؛ فإن إسماعيلَ عليه الصلاة (والسلام) لما وَهَبَهُ الله لإبراهيم؛ أحبَّه حبًّا شديداً، وهو خليل الرحمن، والخلَّة أعلى أنواع المحبة، وهو منصبٌ لا يقبل المشاركة، ويقتضي أن تكونَ جميعُ أجزاء القلب متعلقةً بالمحبوب، فلما تعلقتْ شعبةٌ من شُعَبِ قلبِهِ بابنه إسماعيلَ؛ أراد الله تعالى أن يُصَفِّي وُدَّه ويختبرَ خُلَّتَهَ، فأمره أن يذبح مَنْ زاحَمَ حبُّه حبَّ ربِّه، فلما قَدَّمَ حبَّ الله وآثره على هواه وعزم على ذبحِهِ وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبحُ لا فائدة فيه؛ فلهذا قال: {إنَّ هذا لهو البلاءُ المبينُ}.