والمقصود من هذا أن الخصمين قد عُرِفَ أنَّ قصدَهما الحقُّ الواضحُ الصرفُ، وإذا كان ذلك؛ فسيقصُّون عليه نبأهم بالحقِّ، فلم يشمئزَّ نبيُّ الله داود من وعِظِهما له ولم يؤنِّبْهما، فقال أحدُهما: {إنَّ هذا أخي}: نصَّ على الأخوَّة في الدين أو النسب أو الصداقة؛ لاقتضائِها عدم البغي، وأن بغيَه الصادرَ منه أعظمُ من غيره، {له تسعٌ وتسعون نعجةً}؛ أي: زوجة، وذلك خير كثيرٌ يوجِبُ عليه القناعة بما آتاه الله، {ولي نعجةٌ واحدةٌ}، فطمع فيها، {فقال أكْفِلْنيها}؛ أي: دعها لي وخَلِّها في كفالتي، {وعَزَّني في الخطاب}؛ أي: غلبني في القول، فلم يزلْ بي حتى أدركها أو كادَ.