ولكنْ لمغفرتِهِ ورحمتِهِ ونَيْلِهِما أسبابٌ؛ إنْ لم يأتِ بها العبدُ؛ فقدْ أغلقَ على نفسه بابَ الرحمةِ والمغفرة، أعظمُها وأجلُّها ـ بل لا سببَ لها غيره ـ الإنابةُ إلى الله تعالى بالتوبةِ النصوح، والدُّعاءُ والتضرُّعُ والتألُّهُ والتعبُّدُ؛ فهلمَّ إلى هذا السبب الأجلِّ والطريق الأعظم، ولهذا أمَرَ تعالى بالإنابة إليه والمبادرةِ إليها، فقال: {وأنيبوا إلى ربِّكُم}: بقلوبِكم، {وأسْلِموا له}: بجوارِحِكم، إذا أُفْرِدَتِ الإنابةُ؛ دخلتْ فيها أعمالُ الجوارح، وإذا جُمِعَ بينَهما كما في هذا الموضع؛ كان المعنى ما ذكرنا. وفي قوله: {إلى ربِّكُم وأسْلِموا له}: دليلٌ على الإخلاص، وأنَّه من دون إخلاص لا تفيدُ الأعمالُ الظاهرةُ والباطنةُ شيئاً {من قبل أن يأتِيَكُمُ العذابُ}: مجيئاً لا يُدْفَع، {ثم لا تُنصَرونَ}.