لما خوَّفَهم تعالى من عظمتِهِ؛ خوَّفَهم بأحوال يوم القيامة، ورغَّبهم ورهَّبهم، فقال: {ونُفِخَ في الصُّورِ}: وهو قرنٌ عظيمٌ لا يَعْلَمُ عظمتَه إلاَّ خالقُه ومن أطلعهُ الله على علمِهِ من خلقِهِ، فينفُخُ فيه إسرافيلُ عليه السلام أحدُ الملائكة المقرَّبينَ وأحدُ حملةِ عرش الرحمن؛ {فَصَعِقَ}؛ أي: غُشِي أو ماتَ على اختلاف القولين، {مَن في السمواتِ ومَن في الأرض}؛ أي: كلُّهم، لمَّا سَمِعوا نفخةَ الصور؛ أزعجتْهم من شدَّتها وعِظَمِها، وما يعلمونَ أنَّها مقدِّمةٌ له، {إلاَّ مَن شاء الله}: ممن ثبَّته اللهُ عند النفخة، فلم يُصْعَقْ؛ كالشهداء أو بعضهم وغيرهم، وهذه النفخةُ الأولى نفخةُ الصَّعْقِ ونفخةُ الفزع، {ثم نُفِخَ فيه}: النفخة الثانية؛ نفخةُ البعثِ، {فإذا هم قيامٌ ينظرون}؛ أي: قد قاموا من قبورهم لبعثهم وحسابِهم ينظرون قد تمَّتْ منهم الخلقةُ الجسديَّة والأرواح، وشخصتْ أبصارُهم؛ {يَنْظُرونَ}: ماذا يفعلُ الله بهم؟