أي: ومن يخالِف الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويعانِده فيما جاء به، {من بعدِ ما تبيَّن له الهدى}: بالدَّلائل القرآنيَّة والبراهين النبويَّة، {ويتَّبِع غير سبيل المؤمنين}: وسبيلُهم هو طريقُهم في عقائِدِهم وأعمالهم، {نولِّه ما تولَّى}؛ أي: نتركه وما اختاره لنفسِهِ ونخذُله؛ فلا نوفِّقُه للخير؛ لكونِهِ رأى الحق وعَلِمَهُ وتركَه؛ فجزاؤه من الله عدلاً أن يُبْقِيه في ضلاله حائراً ويزداد ضلالاً إلى ضلاله؛ كما قال تعالى: {فلمَّا زاغوا أزاغ الله قلوبَهم}، وقال تعالى: {ونقلِّب أفئِدَتهم وأبصارَهم كما لَمْ يؤمِنوا به أوَّل مرة}. ويدلُّ مفهومها على أن من لم يشاقق الرسول {ويتَّبع غير سبيل المؤمنين}؛ بأن كان قصده وجه الله واتِّباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهمِّ بها ما هو من مقتضيات النفوس وغَلَبات الطباع؛ فإن الله لا يولِّيه نفسه وشيطانه، بل يتداركُه بلطفه ويمنُّ عليه بحفظه ويعصمه من السوء؛ كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: {كذلك لنصرفَ عنه السوءَ والفحشاءَ إنَّه من عبادنا المخلَصين}؛ أي: بسبب إخلاصِهِ صَرَفْنا عنه السوءَ، وكذلك كلُّ مخلص؛ كما يدلُّ عليه عموم التعليل، وقوله: {ونُصْلِهِ جهنَّم}؛ أي: نعذِّبه فيها عذاباً عظيماً. {وساءت مصيراً}؛ أي: مرجعاً له ومآلاً.